11 سبتمبر 2025, الخميس

إيران والبيتكوين: مفارقات الطاقة والاقتصاد في زمن العملات الرقمية

108160968 1750251797085 AP21243445048482

في الوقت الذي يتجاوز فيه سعر البيتكوين عالميًا حاجز الـ110,000 دولار، تشير تقديرات إلى أن تكلفة تعدينه في إيران لا تتعدى 1,300 دولار فقط – معظمها من كلفة الكهرباء المدعومة. هذا التباين الهائل يكشف تناقضًا صارخًا: دولة غنية بالموارد ومصادر الطاقة الرخيصة، لكنها تواجه تحديات عميقة في إدارة تلك الثروات.

وجه آخر لإيران: بين البيتكوين والدولة العميقة

تعيش إيران تقاطعًا معقدًا بين عدة أزمات: تضخم خانق يُشبه حال الأرجنتين، عقوبات دولية مشددة على غرار كوبا، هجرة كفاءات واسعة كما في لبنان، ورقابة مشددة كتلك التي تفرضها كوريا الشمالية. في هذا المشهد المعقد، لم يكن غريبًا أن يتحول البيتكوين إلى وسيلة بقاء لكثير من الإيرانيين.

بحلول عام 2023، لجأ أكثر من ربع السكان إلى استخدام العملات الرقمية، إما للتحايل على القيود المالية، أو لحماية مدخراتهم من الانهيار المستمر للعملة المحلية. ومع توسع الاستخدام، ازدهرت عمليات التعدين، لتصل مساهمة إيران في معدل “الهاش” العالمي إلى نحو 4.5% بحلول 2024.

أزمة كهرباء… والمعدّنون في قفص الاتهام

لكن مع دخول عام 2025، تفاقمت أزمة الكهرباء في إيران بشكل غير مسبوق، ما أدى إلى تعطل قطاعات صناعية واسعة، وفرض جدول تقنين حاد على المواطنين. وفي مايو من نفس العام، حمّلت الحكومة المعدّنين المسؤولية، لتصدر قرارًا بحظر مؤقت للتعدين – رغم أن جذور الأزمة تعود لسوء التخطيط والإدارة، لا لتعدين البيتكوين.

هل فعلاً تكلفة تعدين البيتكوين 1,300 دولار فقط؟

الرقم المتداول حول تكلفة تعدين البيتكوين في إيران أثار الكثير من الجدل. ورغم أن دعم الدولة للكهرباء يجعل التقديرات معقولة على السطح، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا:

  • معظم التقديرات تعتمد على تعرفة الكهرباء المنزلية، لا على تعرفة الكهرباء الصناعية المخصصة للمعدّنين.
  • لا يتم احتساب تكلفة الأجهزة المتطورة (التي تصل لآلاف الدولارات للجهاز الواحد).
  • يغيب عن الحساب رسوم الصيانة، الجمارك، الضرائب، والتراخيص الحكومية.

للمقارنة، يبلغ متوسط تكلفة تعدين بيتكوين واحد في الولايات المتحدة حوالي 107,000 دولار – وهي تكلفة تقترب من السعر السوقي، لكن تختلف حسب الولاية ونوع التعاقدات مع شركات الطاقة.

بين الأمل والرقابة: مستقبل البيتكوين في إيران

بالنسبة للمواطن الإيراني، يمثل البيتكوين وسيلة فعالة لمقاومة التضخم والعقوبات، في ظل انهيار الثقة بالعملة الوطنية. لكن في كل أزمة كهرباء، يتحول المعدّنون إلى هدف سهل لخطاب اللوم الرسمي، وكأنهم السبب الوحيد للخلل.

وهكذا، يبقى مشهد العملات الرقمية في إيران متأرجحًا بين إمكانيات واعدة، ورقابة صارمة، وقرارات حكومية غير مستقرة. فهل يكون البيتكوين حلًا دائمًا؟ أم مجرد مهرب مؤقت في مواجهة واقع اقتصادي أكثر تعقيدًا؟