3 نوفمبر 2025, الأثنين

استراتيجية المفاوضات كاستحقاق وطني

Doc P 1437317 638977466158260615
كتب صلاح سلام في” اللواء”: يكثر الحديث هذه الأيام عن مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي في إطار «لجنة الميكانيزم»، يريدها لبنان غير مباشرة، فيما الوسيط الأميركي والطرف الإسرائيلي يريدانها مباشرة. وفي الحالتين لم تتضح بعد معالم خطة وطنية شاملة لإدارة هذا المسار الدقيق والحساس. ومع أن المفاوضات تُعدُّ وسيلة مشروعة لاستعادة الحقوق وحماية السيادة، إلا أن خوضها بلا رؤية متكاملة، أو منطلق وطني موحد قد يُفقدها مضمونها، ويحوّلها إلى مجرّد عملية شكلية تخدم مصالح ظرفية، أو حسابات سياسية داخلية. أول ما تحتاجه هذه الإستراتيجية هو توحيد الموقف اللبناني الرسمي والشعبي حول أهداف المفاوضات وحدودها. فلا يمكن لوفد تفاوضي أن ينجح ما لم يكن مدعوماً بإجماع وطني واضح، يحدد الثوابت غير القابلة للمساومة، وفي طليعتها انسحاب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانية المحتلة وتطبيق القرار 1701 نصاً وروحاً. فالانقسامات الداخلية والمزايدات الشعبوية لا تخدم إلا العدو، وتضعف قدرة لبنان على التفاوض من موقع القوة والثقة. وقبل الذهاب إلى المفاوضات لا بد من حسم ملف سلاح حزب الله، وتنفيذ قرار حصرية السلاح بيد الدولة والأجهزة الشرعية، لأنه من المتوقع أن يكون البند الأول في الطروحات الأميركية والإسرائيلية، في حين أن وقف الإعتداءات اليومية، والإنسحابات من المناطق المحتلة سيكونان حتماً في أولويات الأجندة اللبنانية.
لقد أثبتت التجارب أن المفاوضات، متى كانت بلا استراتيجية، تتحول إلى مجرد تبادل أوراق ومواقف عقيمة، فيما يبقى الاحتلال قائماً. إنّ المطلوب ليس رفض المفاوضات ولا الانخراط فيها كيفما اتفق، بل التعامل معها كاستحقاق وطني، يستدعي أعلى درجات التنسيق بين المؤسسات الدستورية، ويقتضي وجود مرجعية سياسية موحدة، مثل إنشاء «خلية إدارة أزمة» على مستوى الرؤساء الثلاثة أولاً، وعلى مستوى وزراء وخبراء يمثلون الرؤساء للإجتماع كلما دعت الحاجة،  على أن تتولى «خلية الأزمة» الإشراف على إدارة هذا الملف ضمن إطار واضح وشفاف. فالمسألة ليست تقنية بقدر ما هي سياسية وسيادية بامتياز، تمس جوهر الكيان اللبناني وموقعه في معادلة النظام الإقليمي العتيد. 

المصدر: Lebanon24