كتب جوني منيّر في” الجمهورية”: الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس غادرت لبنان وهي تحمل في جعبتها قبولاً لبنانياً مبدئياً بالذهاب إلى مفاوضات لبنانية إسرائيلية، ولو عبر صيغة «الميكانيزم»، وتمّت تسمية اسم لبناني هو أكثر من تقني لكنه لا يحمل صفة رسمية، وكما هو المعتاد فإنّ موافقة الرئيس نبيه بري تُعتبر باسم «الثنائي»، رغم أنّ «حزب الله» كان سينأى بنفسه عن أي موقف علني في هذا المضمار، إلا أنّ صدور بيان «حزب الله» بهذه السرعة ووفق عبارات قوية نوعاً ما أحدث مفاجأة لدى الجميع، خصوصاً الأميركيين، رغم أنّ قيادة الحزب تواصلت مع الرئيس بري قبل صدور البيان لشرح أسبابه، ومع شيء من التدقيق تبين للأوساط الديبلوماسية أنّ البيان الصادر يحمل في طياته موقفاً إيرانياً كاملاً، فصدور البيان بهذه السرعة يشير إلى ذلك، وإلا كان يمكن لـ «حزب الله» انتظار أول إطلالة خطابية لأمينه العام الشيخ نعيم قاسم للإدلاء بموقفه، والتي كانت محددة ليوم الثلاثاء، فلماذا الاستعجال إذاً.
ما حصل يدخل في السياق العام لتدحرج الأمور، فالمرحلة وفق التوصيف الأميركي هي مرحلة رفع تدريجي لمستوى الضغوط العسكرية على «حزب الله»، مع تشديد الخناق المالي عليه لمنعه من التحرك بحرية، ومن الواضح أنّ إسرائيل باتت تتمتع بحرية التحرك في لبنان في المرحلة الحالية، وأنّ واشنطن تمنحها الضوء الأخضر للعمل على تدمير القدرة العسكرية لـ «حزب الله». وخلال الأيام الماضية، لفت تركيز إعلامي على الجيش اللبناني، حيث تم تناقل معلومات عن تحذير إسرائيلي عبر واشنطن للجيش اللبناني بتهمة التقصير، وأنّ عملياته ضد «حزب الله» ليست كافية، وقدمت تل أبيب إثباتات لواشنطن تفيد بعدم منع الجيش لإعادة تسليح الحزب، كما حدّدت إسرائيل مهلة للحكومة اللبنانية لنزع سلاح الحزب قبل بدء عملية هجومية كبيرة. ورغم هذه الرسائل، تبدي بعض الأوساط الأميركية تفهماً للقدرات المحدودة للجيش اللبناني وسط الظروف الحالية، مع التأكيد أنّ الهدف ليس إشعال حرب أهلية جديدة، لكن هناك مساحة جديدة يجب تنظيفها من السلاح لتتجاوز الليطاني وتصل إلى الأولي، الأمر الذي يشمل إنهاء الوضع العسكري للمخيمات الفلسطينية مثل عين الحلوة، وتأمين شبكات الغاز البحرية المرتبطة بتركيا ومصر وقبرص وإسرائيل ولبنان. أما فيما يخص الساحل الشرقي للمتوسط، فهناك مقترح لضم لبنان مستقبلاً إلى منتدى غاز شرق المتوسط، ما يفتح الباب أمام التطبيع ويستلزم مظلة أمنية داخلية ملائمة، بينما تواصل إسرائيل تدريبات تحاكي مواجهات مع «حزب الله»، وتُشير تقديرات إلى أنّ أي عملية عسكرية إسرائيلية قد تستمر أسبوعين إلى ثلاثة، مع تطمينات لبيروت حول زيارة رأس الكنيسة الكاثوليكية بعيداً عن التوتر العسكري.
وكتب غاصب المختار في ” اللواء”: يبدو ان لبنان بدأ يتعايش على طريقته مع التصعيد الإسرائيلي العسكري والضغط السياسي اليوم، لكنه لا يتعامل معه على انه قدر محتوم سيستمر الى ما لا نهاية، ذلك ان المساعي الدبلوماسية لا زالت ناشطة بكثافة لا سيما المصرية منها مؤخراً، الى جانب الاتصالات مع لجنة الإشراف الخماسية على تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، ولا بد أن تثمر هذه الاتصالات والمساعي في النهاية ولو خطوة واحدة من جانب الاحتلال الإسرائيلي تريح الوضع، لكن إذا رغبت الإدارة الأميركية بترييحه، وإلّا فإنه سيستمر وقتاً أطول وتزداد كلفته على لبنان بالشهداء والأضرار المادية. وبعد فرض الخزانة الأميركية العقوبات الجديدة على «شبكة تدعم حزب الله مالياً»، أكدت السفارة الأميركية في بيروت أن الولايات المتحدة ستمنع حزب الله من تهديد لبنان والمنطقة، وشدّدت السفارة في تعليق مقتضب نشر على حسابها في «إكس» يوم الجمعة، مرفق بقرار وزارة الخارجية حول فرض عقوبات جديدة على الحزب، على أن «أميركا ستواصل استخدام كل أداة متاحة لضمان عدم تشكيل هذه الجماعة الإرهابية تهديدا للشعب اللبناني أو المنطقة على نطاق أوسع»، وفق تعبيرها.
ويبدو ان هذا التوجّه العقابي الذي سيفرض على لبنان سيكون سمة المرحلة المقبلة في التعاطي الأميركي مع لبنان، طالما ان الإدارة الأميركية تتبنّى ما تزعمه إسرائيل بأنها غير راضية عمّا يقوم لبنان والجيش من إجراءات لجمع السلاح في كل لبنان وليس في جنوب نهر الليطاني وشماله فقط، وطالما ان المطلوب أبعد من ذلك بكثير لجهة التفاوض المباشر على أمور أمنية وسياسية.
المصدر: Lebanon24