Categories: أخبار

الجدار الاسرائيلي قبالة يارون: تمهيد لضمّ جديد؟

كتبت “نداء الوطن”: أثار بناء إسرائيل جدارًا أسمنتيًا جديدًا، خلف الخط الأزرق مقابل بلدتي مارون الراس وعيترون، وعلى امتداد المساحة المقابلة لسهل يارون وصولًا إلى موقع الحدب داخل الأراضي الإسرائيلية، قلقًا في أوساط أبناء المنطقة الذين تخوّفوا من خرق إسرائيل السيادة اللبنانية واحتلال أراض جديدة، بعد سلسلة من جولات التصعيد العسكري والغارات والاستهدافات الإسرائيلية التي طالت جميع المناطق اللبنانية.

في هذا السياق، أعلنت “اليونيفيل” في بيان أن “في تشرين الأول، قامت قوات حفظة السلام بمسح جغرافيّ لجدار خرساني على شكل T، وتبيّن أنه تجاوز الخط الأزرق، ما جعل أكثر من 4000 متر مربع من الأراضي اللبنانية غير متاحة للشعب اللبناني”. وأشارت “اليونيفيل” إلى أنها “أبلغت الجيش الإسرائيلي بنتائج المسح مطالبة بنقل الجدار المذكور”. في المقابل، نفى الجيش الإسرائيلي، بناء جدار داخل الأراضي اللبنانية ردًّا على اتهام “اليونيفيل”.

تأتي هذه التحصينات العسكرية استكمالًا لمشروع كانت قد بدأته إسرائيل منذ أكثر من عشر سنوات، عبر استحداث جدار أسمنتيّ يصل ارتفاعه في بعض النقاط إلى 18 مترًا، ويفصل مستوطناتها كافة عن البلدات اللبنانية الجنوبية الملاصقة للحدود “بهدف حماية وتعزيز أمن المستوطنات ومستوطنيها من أي عمليات تسلّل من الجانب اللبناني”، بحسب تعبير الجهات الإسرائيلية.

إذًا، كانت إسرائيل قد باشرت عام 2012 بناء جدار أسمنتي في المناطق الحدودية الشمالية المتاخمة للقرى اللبنانية، وتمثل برفع بلوكات أسمنتية جاهزة في بلدة كفركلا المتاخمة لمستوطنة المطلة، وتوسّعت حتى وصلت إلى بلدة العديسة ومستوطنة مسكاف عام. عام 2023، تابع الجيش الإسرائيلي عملية بناء الجدار الأسمنتي عند الحدود مع لبنان، وانطلق ببناء جدار جديد من رأس الناقورة ومستوطنات شلومي وحانيتا وزرعيت، بالإضافة إلى نقاط حدودية أخرى في القطاع الأوسط، ولم يفد عن تسجيل خرق للخط الأزرق. وتوقف العمل بسبب “حرب الإسناد”، التي أعلنها “حزب اللّه” في 8 تشرين الأول 2023. وفي سنة 2025، أعاد الجيش الإسرائيلي بناء الجدار الأسمنتي في منطقة “جل الدير” عند حدود مستوطنة أفيفيم، وصولًا إلى المالكية، بالإضافة إلى المنطقة المقابلة لبلدة يارون.

وأشار الخبير العسكري والاستراتيجي العميد الركن المتقاعد سعيد القزح إلى أن الجدار “يهدف إلى تحقيق أهداف أمنية وعسكرية إسرائيلية أساسية على طول الحدود مع لبنان، أبرزها تعزيز الأمن لسكان المستوطنات والهدف المعلن والرئيس هو: توفير حماية ماديّة مباشرة للمستوطنات والمواقع الإسرائيلية القريبة من الحدود (مثل المطلة، وأفيفيم)، ومنح شعور الأمان للسكان المعرّضين للتهديدات، لا سيّما أن تلة مارون الراس تتحكّم بمستوطنة أفيفيم كونها أعلى جغرافيًا منها، وهناك مسافة تقرب من كيلومتر واحد بينهما وتتميّز بأنها أرض سهلية، يسهل التنقل بها إن لم توجد أي عوائق”.

وكتبت دوللي بشعلاني في” الديار”: في خضمّ التوتر المتجدّد في جنوب لبنان، بعد التمديد الأخير لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل)، برزت قضية ملتهبة تتعلق ببناء جدار إسمنتي على امتداد ما خلف الخط الأزرق، الذي حدّدته الأمم المتحدة كخط انسحاب في العام 2000، لتأكيد انسحاب القوات “الإسرائيلية” من جنوب لبنان، ويبلغ طوله 120 كلم.وتُمثّل هذه الخطوة انتهاكاً صارخاً للسيادة اللبنانية ولقرار مجلس الأمن الرقم 1701، لا يمكن السكوت عنه. وهذا الجدار الخرساني ليس مجرّد حاجز دفاعي، على ما تدّعي “إسرائيل”، نافية تجاوزه الخط الأزرق، بل يحتوي وفق تقارير ميدانية، على نقاط مراقبة متقدّمة، ويقيّد حركة السكان اللبنانيين ضمن أراضيهم، ما يكرّس “أمر واقع” يُهدّد السيادة الوطنية. أوساط ديبلوماسية مطّلعة تقول لـ “الديار” “اليونيفيل” لم تكتفِ بمراقبة ما حصل، بل أجرت مسحاً ميدانياً للجدار وللانتهاك “الإسرائيلي”، ووثّقت عملها في بيان رسمي صدر عنها، ذكرت فيه بأنّ عناصرها أجروا مسحاً قبل شهر، كشف عن تشييد “إسرائيل” جداراً إسمنتيّاً يتخطّى الحدود اللبنانية، وأنّ جزءاً من جدار آخر تقوم ببنائه جنوب شرقي يارون، ويشمل مناطق في قرى مارون الراس وعيترون، يتجاوز الخط الأزرق. واعتبرت كذلك أنّ “وجود “إسرائيل” في الأراضي اللبنانية وأعمال البناء التي تجريها هناك، يشكّلان انتهاكا لقرار مجلس الأمن 1701، ولسيادة لبنان وسلامة أراضيه”، الأمر الذي ينفي، كما تقول الاوساط، ما يُقال عن أنّ “اليونيفيل” تكتفي فقط بعدّ الاعتداءات “الإسرائيلية” على الجنوب، سيما أنّها كشفت حقيقة ما يجري ووضعته أمام “إسرائيل”، والدولة اللبنانية والرأي العام والعالم.. غير أنّ “اليونيفيل” لا تتمتّع بصلاحيات تنفيذية تمنع البناء أو هدم الجدار، على ما تلفت الأوساط، وهذا الواقع يعكس ضعف أو محدودية دور “اليونيفيل” تجاه التسلّط “الإسرائيلي”، وفي ظلّ وجود لجنة “الميكانيزم” التي لا تتحرّك أساساً ضد “إسرائيل”، بل تدعم أفعالها وذرائعها. الأمر الذي يطرح تساؤلات حول فاعلية الدور الدولي في حماية الأراضي اللبنانية. وبالتالي، ما هو موقف الدولة اللبنانية؟ وكيف السبيل إلى إرغام “إسرائيل” على وقف بناء الجدار، أو هدم الجزء الذي تتعدّى فيه على الأراضي اللبنانية؟ تجيب الأوساط بأنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون أوعز للجيش اللبناني في وقت سابق، بالتصدّي للانتهاكات “الإسرائيلية”. ويحتاج لبنان اليوم إلى استراتيجية ديبلوماسية سريعة ومتعددة المسارات، لوقف الأعمال، قبل أن تستكمل “إسرائيل” استيلاءها على الأراضي اللبنانية، ويُصبح في موضع المفاوض على انسحابها منها، على ما يحصل بالنسبة إلى احتلالها لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من الغجر، وتتمثل في ما يأتي:

1- اللجوء إلى الديبلوماسية الدولية من خلال إرسال مذكرات احتجاج رسمية لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، مع التأكيد على خرق القرار 1701، وضرورة التدخّل العاجل لمنع توسّع الجدار.

2- التعاون مع الدول الكبرى الفاعلة، من خلال استثمار العلاقات مع الولايات المتحدة وفرسا، ودول الاتحاد الأوروبي، للضغط على “إسرائيل” عبر القنوات الرسمية والسياسية.

3- الاستفادة من القانون الدولي عن طريق رفع قضايا عبر محاكم دولية، أو طلب تدخل هيئات حقوق الإنسان لإظهار الطابع غير القانوني للبناء.

4- الضغط الإعلامي والدولي من خلال نشر تقارير مستندة إلى مسوحات”اليونيفيل”، وبيانات الأمم المتحدة، لتسليط الضوء على الانتهاك وتعبئة الرأي العام الدولي.

5- الكشف عن أبعاد الجدار الاستراتيجية، سيما أنّه يتجاوز الخط الأزرق بعمق يصل إلى كيلومترين في بعض المناطق، ما يتيح للعدو إقامة نقاط مراقبة عسكرية، وسيطرة على طرق محلية، وبالتالي تغيير “الواقع الميداني” دون مواجهات مباشرة، في خطوة استراتيجية لفرض الأمر الواقع على الأرض.

وتخلص الأوساط الديبلوماسية إلى القول إنّ الجدار الإسمنتي في جنوب لبنان، يبقى أحد أبرز التحديات السيادية الحالية. وبينما تكتفي “اليونيفيل” بتوثيق الانتهاكات، تتحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية تحرّك ديبلوماسي سريع وفعال، لمنع استكمال البناء وحماية حقوق مواطنيها… وإن لم تتحرّك بذكاء وسرعة عبر القنوات الدولية، فإنّ “الأمر الواقع الجديد”، قد يتحوّل إلى تغيّر دائم في خارطة الجنوب اللبناني.

المصدر: Lebanon24

News Desk

Share
Published by
News Desk

Recent Posts

“تعاميم جديدة لمصرف لبنان”.. ماذا ستشمل؟

خطوة مفصليّة اتخذها مصرف لبنان، الجمعة، تمثلت بسلسلة من الإجراءات الاحترازية الهادفة لتعزيز بيئة الامتثال…

5 دقائق ago

السعودية قالت كلمتها؟! (الجريدة الكويتية)

أفادت صحيفة "الجريدة الكويتية" أن لبنان تلقّى دعماً سعودياً قبيل الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي…

10 دقائق ago

إيحاءات هؤلاء ليست جدية

تشير أوساط سياسية متابعة إلى أنّ جزءًا من الشخصيات التي تفكّر بخوض الانتخابات النيابية المقبلة…

20 دقيقة ago

انتخابات: “ادفع تدخل”

قال نائب مشهور بصراحته تعليقاً على معلومات مؤكدة وصلته، إن أحد الأحزاب البارزة لجأ مؤخراً…

35 دقيقة ago

ضغط أميركيّ لتقييد “القرض الحسن” وبن فرحان في بيروت.. ميقاتي: اتفاق الهدنة هو الأنسب

في خضم تشابك التحركات الدبلوماسية والضغوط المالية على لبنان، يصل إلى بيروت اليوم الموفد السعودي…

50 دقيقة ago

هذا ما جرى بين موفدة ماكرون و”حزب الله”

كتب كمال ذبيان في" الديار":تكتسب زيارة المستشارة السياسية للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون آن كلير لوجاندر،…

3 ساعات ago