Categories: أخبار

السباق مفتوح.. الترميم او الظرف الاقليمي؟

تعيش الساحة اللبنانية في مرحلة شديدة الحساسية، حيث تتداخل عوامل الداخل بتطورات الإقليم، لتصنع مشهدًا معقّدًا عنوانه الأساسي سباق مفتوح بين حزب الله وإسرائيل. فكل طرف يتحرك وفق حسابات دقيقة، مدركًا أن أي خطأ في التقدير قد يفتح الباب أمام مواجهة واسعة لا يريدها أحد، لكنها تبقى احتمالًا قائمًا كلما تعقّدت الظروف المحيطة.

إسرائيل من جهتها تنظر إلى المشهد كفرصة قد لا تتكرر بسهولة. فالأوضاع الإقليمية، إضافة إلى حسابات الداخل الإسرائيلي، تمنحها شعورًا بإمكانية توجيه ضربة عسكرية مدروسة، تراها مناسبة ضمن الظرف الحالي، وتعتقد أنها قادرة من خلالها على تسجيل تفوق مؤثر على حزب الله. هذا التفكير مبني على قناعة لدى بعض دوائر القرار هناك بأن قدرة الحزب على التعافي لا تزال محدودة، وأن استغلال هذا الهامش الزمني قد يسمح لإسرائيل بتقليص جزء من القوة التي راكمها الحزب في الاشهر الماضية.

في المقابل، يدرك حزب الله خطورة هذا التقدير الإسرائيلي، ولذلك يبدو في سباق مع الزمن لترميم ما خسره من قدرات خلال المواجهات المستمرة على مدى الأشهر الماضية. الحزب لا يبحث عن استعادة كاملة وسريعة، بل عن ترميم ثابت وهادئ يُعيد بناء منظومته العملانية بشكل تدريجي، بحيث يرفع كلفة أي ضربة إسرائيلية محتملة، ويُفقد إسرائيل عامل الثقة الذي تعتمد عليه في حساباتها الحالية. وهذا الجهد، حتى لو بقي ضمن حدود معينة، يعتبره المطلعون عاملًا أساسيًا في منع الذهاب نحو مواجهة شاملة.

السباق بين الطرفين لا يقتصر على الاستعداد العسكري، بل يمتد إلى الرسائل السياسية والإقليمية. فالحزب يحاول الإيحاء بأنه لا يزال قادرًا على فرض معادلات الردع، فيما تسعى إسرائيل إلى إظهار أن يدها ما زالت هي العليا في تحديد توقيت وحدود أي مواجهة مقبلة. وبين هذين الخطين المتوازيين، يبقى لبنان الحلقة الأكثر هشاشة، إذ إن أي تبدّل صغير في ميزان القوى قد ينعكس مباشرة على واقعه الأمني والسياسي.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن ما يجري اليوم ليس مجرد تبادل رسائل نارية، بل جهود جادة خلف الكواليس تصبّ في اطار منع الانزلاق إلى مواجهة واسعة. هناك مساعٍ داخلية وإقليمية تحاول بثّ تهدئة مدروسة، انطلاقًا من إدراك بأن الحرب المفتوحة قد تكون مكلفة على جميع الأطراف، وقد تُدخل المنطقة في مرحلة طويلة من عدم الاستقرار. إلا أن نجاح هذه الجهود يحتاج إلى تنازلات كبيرة من حزب الله، وهي تنازلات لا يبدو أن الحزب مستعد لتقديمها في الفترة الحالية، سواء بسبب اعتبارات داخلية أو بسبب حسابات تتعلق بدوره الإقليمي.

يبقى المشهد مفتوحًا على احتمالات عدة، لكن العامل الحاسم سيبقى قدرة كل طرف على تعديل ميزان الردع. وفي ظل استمرار هذا السباق، ستظل المنطقة معلّقة بين تهدئة هشة واحتمال انفجار كبير.

المصدر: Lebanon24

News Desk

Share
Published by
News Desk

Recent Posts

جعجع استقبل وفدًا اقتصاديًا دوليًا لبحث سبل استقطاب الاستثمارات إلى لبنان

 استقبل رئيس حزب" القوات اللبنانيّة" سمير جعجع في معراب وفدًا أجنبياً إقتصادياً يزور لبنان، ضمّ…

7 دقائق ago

أجواء خريفية مستقرة تسيطر على لبنان.. هكذا سيكون طقس اليومين المقبلين

تسيطر منطقة من الضغط الجوي المرتفع على لبنان والحوض الشرقي للمتوسّط تؤدي الى طقس مستقر جاف…

8 دقائق ago

في طرابلس.. أطلق النار باتجاه شخص ولاذ بالفرار

أقدم المدعو "ه.م" على اطلاق النار باتجاه "ا.ش" واصابه بطلق ناري في قدمه وذلك في…

11 دقيقة ago

الأمن العام يحذّر من رسائل احتيال إلكتروني تستهدف حسابات المواطنين

أعلنت المديرية العامة للأمن العام أنه تبين لها ان العديد من المواطنين يقعون ضحية الإحتيال…

17 دقيقة ago

الرئيس عون: بيروت اشتاقت للسعوديين (فيديو)

"اسمحوا لي أن أرحب بشكل خاص، بالأشقاء السعوديين، المشاركين للمرة الأولى في مناسبة لبنانية على…

17 دقيقة ago

تحذير من الامن العام: لعدم الولوج الى أي رابط مجهول المصدر أو غير موثوق

أعلن مكتب شؤون الإعلام في المديرية العامة للأمن العام أنه وبعدما تبين أن العديد من المواطنين…

18 دقيقة ago