Categories: أخبار

الصداقات في عصر التواصل الاجتماعي: افتراضية أم حقيقية

في عصر التكنولوجيا والهواتف الذكية، أصبح من الصعب تصور حياتنا من دون وسائل التواصل الاجتماعي. فيسبوك، إنستغرام، تيك توك، واتساب وغيرها. كل هذه التطبيقات صارت جزءًا من يومياتنا، وساهمت بشكل كبير في تغيير الطريقة التي نكوّن بها علاقاتنا الاجتماعية وصداقاتنا. فبينما قد يبدو أن لدينا آلاف الأصدقاء والمتابعين، السؤال الحقيقي يبقى: كم من هذه الصداقات يمكن اعتبارها حقيقية؟
لا يمكن إنكار أن وسائل التواصل الاجتماعي وفّرت لنا فرصًا رائعة للبقاء على اتصال مع أصدقائنا وعائلتنا في أي مكان في العالم. من خلال الرسائل، المكالمات، وحتى مشاركة الصور والفيديوهات، أصبح من الممكن متابعة حياة الآخرين لحظة بلحظة. هذا الاتصال الرقمي ساعد كثيرين على الحفاظ على علاقات كانت ستتأثر بعد المسافات الطويلة أو الانشغالات اليومية.

لكن هناك وجه آخر للعملة. الاعتماد الكبير على هذه المنصات أحيانًا يخلق شعورًا بالوحدة رغم وجود “أصدقاء افتراضيين”. التعليقات والاعجابات لا تعادل اللقاء الحقيقي، ولا يمكنها أن تعوض عن دعم شخص يقف الى جانبك في المواقف الصعبة. الدراسات النفسية تشير إلى أن التفاعل الرقمي المستمر قد يجعل بعض الأشخاص يشعرون بالعزلة، خاصة عندما يقارنون حياتهم اليومية بما يرونه على صفحات الآخرين. الصور المنسقة واللحظات المثالية التي يعرضها الناس على الإنترنت غالبًا لا تعكس الواقع، وهذا يخلق إحساسًا بالضغط والغيرة أحيانًا.

الأمر الأكثر أهمية هو أن الصداقات الحقيقية تقوم على التفاهم، الدعم، والمشاركة في اللحظات الحقيقية. لحظة الضحك مع صديق، المشي سويًا في الحديقة، أو حتى جلسة قهوة بسيطة يمكن أن تكون أكثر قيمة من آلاف الرسائل النصية. الصداقة الحقيقية تحتاج إلى التواصل المباشر والتفاعل الواقعي، وهو شيء لا يمكن أن توفره الشاشة مهما كانت متقدمة.
الحل لا يكمن في التخلي عن وسائل التواصل الاجتماعي، بل في إيجاد التوازن المناسب. من المهم استخدام هذه المنصات كوسيلة لتعزيز العلاقات وليس لاستبدالها. يمكننا البقاء على اتصال مع الأصدقاء الذين يعيشون بعيدًا، مع الحرص على اللقاءات الواقعية مع من هم بالقرب منا. كما يمكننا تعزيز جودة تواصلنا الرقمي عبر المحادثات العميقة والدعم النفسي بدل الاكتفاء بالتعليقات والرموز التعبيرية.

في نهاية المطاف، الصداقات الحقيقية تقاس بالوقت المشترك، الدعم المتبادل، والذكريات التي نكوّنها معًا، لا بعدد الاعجابات أو المتابعين. التكنولوجيا قد تكون أداة رائعة لتقريب المسافات، لكنها لن تكون يومًا بديلاً عن اللحظات التي تشعرنا بأننا مرتبطون حقًا مع الآخرين. الحفاظ على الصداقات الحقيقية في عصر  التواصل الاجتماعي يتطلب وعيًا، توازنًا، وأحيانًا جرأة للابتعاد عن الشاشة لنعيش الحياة الواقعية بكل تفاصيلها.

المصدر: “لبنان 24”

المصدر: Lebanon24

News Desk

Share
Published by
News Desk

Recent Posts

بالفيديو: ألغت رحلة التاكسي.. فكاد يدهسها!

  View this post on Instagram       A post shared by Al Jadeed…

8 دقائق ago

مدير الدفاع المدني تفقّد المراكز في علما الشعب وميس الجبل

صدر عن دائرة الإعلام والعلاقات العامة في المديرية العامة للدفاع المدني، البيان الآتي: "في إطار…

13 دقيقة ago

إلى العاملين في البلديات.. اليكم هذا التعميم من وزارة الداخلية

تعمم وزارة الداخلية والبلديات قرار مجلس الوزراء رقم 30 تاريخ 23/10/2025، القاضي بالموافقة على إفادة…

15 دقيقة ago

تعميم من وزارة الداخلية إلى العاملين في البلديات

عممت وزارة الداخلية والبلديات قرار مجلس الوزراء رقم 30 تاريخ 23/10/2025 القاضي بالموافقة على إفادة…

15 دقيقة ago

المدير العام للدفاع المدني بالتكليف تفقّد مركزي علما الشعب وميس الجبل

في إطار الجهود المتواصلة لتعزيز جهوزية مراكز الدفاع المدني في المناطق الحدودية، قام المدير العام…

35 دقيقة ago

اغتصب ابنة الـ 15 عاما.. هكذا تم توقيفه في جبل البداوي

تمكنت دورية من مفرزة استقصاء الشمال في قوى الأمن الداخلي من توقيف شخص يُدعى "م.د"…

39 دقيقة ago