26 أكتوبر 2025, الأحد

الصراع على أصوات الخارج: حين يتحول اقتراع المغتربين إلى معركة نفوذ

Doc P 1434164 638970763183892915
لم تعد مسألة اقتراع المغتربين مجرّد تفصيلٍ قانوني في الانتخابات المقبلة، بل تحوّلت إلى ساحة مواجهة جديدة بين القوى السياسية التي ترى في أصوات الخارج وسيلةً لتوسيع حضورها داخل المجلس النيابي. فخلف الخطاب الذي يُرفَع باسم “حقّ المغتربين في التمثيل”، يدور صراعٌ مباشر على الأحجام والتوازنات، تُقاس فيه المكاسب بعدد المقاعد وما تتيحه من نفوذٍ في مرحلة ما بعد الانتخابات.

وفق مصادر نيابية مطّلعة، لا يدور النقاش اليوم حول ضمان مشاركة اللبنانيين المنتشرين بقدر ما يتمحور حول توظيف أصواتهم في لعبة الحصص المقبلة، سواء في تشكيل الحكومات أو في سوق التفاهمات الإقليمية. إذ كلّما تضخّم حجم الكتلة النيابية، ارتفعت قيمتها السياسية في المساومات الداخلية والخارجية، وصار تمثيلها في البرلمان أشبه باستثمارٍ يُتداول به على طاولات السياسة.

في المقابل، ينصّ القانون على أن يحقّ للمغترب التصويت في بلد إقامته لعددٍ محدود من المقاعد، أو أن يحضر بنفسه إلى لبنان ليُدلي بصوته في دائرته الأصلية. غير أنّ هذا الخيار الثاني يحتاج إلى قدرة مالية غير متاحة لمعظمهم، ما يفتح الباب أمام القوى المموَّلة لتأمين تذاكر السفر وتمويل المشاركة الانتخابية، الأمر الذي يطرح تساؤلاتٍ حول نزاهة المنافسة وحدود التأثير المالي في أصوات الخارج.

من هنا، تبدو معركة المغتربين أبعد من نقاشٍ إداري أو إصلاحٍ انتخابي. فهي مرآة لصراعٍ أعمق على إعادة توزيع النفوذ في مرحلة ما بعد الانتخابات، وعلى رسم الأحجام التي ستُقرّر شكل الحكومات المقبلة وموقع كل طرفٍ فيها. أما الحديث عن إمكان تأجيل الاستحقاق، فيبقى احتمالاً نظرياً أكثر منه واقعياً، إلا إذا فُتِح الباب مجدداً أمام تسوياتٍ تخلط الأوراق وتحوّل “حقّ المغترب بالاقتراع” إلى ذريعةٍ إضافية لتجميد المشهد السياسي.

المصدر: Lebanon24