وقد غصّ اللقاء بالحشود وفاق قدرة الفندق الاستيعابية، ما اضطر المنظمين إلى تعديل البرنامج الذي اقتصر على كلمةٍ ألقاها بازرلي، قال فيها إنّ تاريخ 12 تشرين الثاني سيبقى محفورًا في قلبه ووجدانه بعد أن غمرته عاطفة زميلاته وزملائه بحضورهم الكثيف، مؤكدًا أن النتيجة الأهم بالنسبة إليه هي المحبة التي نالها من زملائه قبل نتيجة الانتخابات.
وفي كلمته، أكّد بازرلي أنّ “نقابة المحامين كانت ولا تزال منارةَ الحقّ في هذا الوطن”، مشيرًا إلى أنه “في الفترة السابقة سنحت له الفرصة لزيارة كل مراكز النقابة في لبنان والالتقاء بالمحامين، مصغيًا إلى هواجسهم للبحث في رؤيةٍ مستقبليةٍ تضمن أن تبقى هذه النقابة فعلًا أمّ النقابات”.
وقال: “المحامون هم رسالة العدالة وصمّام أمان الوطن عندما يهتز ميزانه. ولقاؤنا اليوم هو لقاءُ أهل الوفاء لنقابةٍ عمرها من عمر الدولة، وهي المدرسة الأولى للحرية التي خرّجت رجالَ قانونٍ حملوا الوطن بضمائرهم ودافعوا عن الحقّ في وجه الظلم”.
وأضاف: “نقابتنا ليست مجرّد نقابة، إنما هي تاريخ من النضال والدفاع عن الحقوق؛ فمن قاعات المحاكم إلى ساحات الشرف والدفاع عن الوطن عندما كان بحاجةٍ إلى من يقول: لبيك يا لبنان!”.
وتابع بازرلي: “نقابتنا وقفت في وجه الاحتلال والوصاية وتعطيل الدستور والمؤسسات، كما واجهت الحرب الأخيرة والعدوان بالتضامن والحرص على وحدة المحامين. لقد وقفت هذه النقابة بوجه كل من حاول تطويعها أو إسكاتها، لأنها مؤمنة بأنّ المحامي ليس موظفًا بل صاحب رسالةٍ وحاملٌ لهمّ الناس”.
وتطرّق بازرلي إلى مدينة بيروت سائلاً: “كيف يمكننا نسيان وجع بيروت، وهي انجرحت يوم انفجار المرفأ؟ إنّ النقابة لا تزال ترفع الصوت وتطالب بالحقيقة”، مشدّدًا على أنّ “العدالة يجب أن تستمر، لأنّ الحقيقة ليست وجهة نظر، والعدالة لا تتجزّأ”.
وأشار إلى أنّ “لبنان لا يزال يتعرّض يوميًا لانتهاك سيادته، لذلك على الدولة أن تتحمّل مسؤولياتها، وتحمي حدودها وتحافظ على أرضها وتصون سيادتها. ونحن ندرك أن الكلمة مسؤولية، ونقولها بوضوح وبصوت عالٍ: نريد دولة عدالةٍ وقضاءً مستقلًا، نريد أن يسترجع المودِع حقَّه وكرامته، ولن نقبل بوعودٍ فارغةٍ وتنصّلٍ من المسؤوليات بدل توزيعها بشكلٍ حقيقيٍّ وعلميّ”.
وقال: “نريد أن يعود لبنان بلد القانون والمحاسبة، لا بلد المحاصصة والمحسوبيات والزبائنية. لذلك سنُكمِل المسيرة ونلعب الدور الذي لعبته نقابتنا منذ تأسيسها: دورَ قادة الفكر، والمرجع الوطني، والصوت السيادي المتحدّث باسم كل الوطن”.
وأضاف: “نقابتنا ستبقى حاضنة الجميع، لا تُفرّق بين طائفةٍ وأخرى”.
وشدّد بازرلي على أنّنا”مؤمنون بأنّ نقابتنا أكبر من أي انقسام، وعصيةٌ على الغوغائية والشعبوية. نريد نقابةً مستقلةً، قويةً ورائدة، ونقيبًا مهنيًا موزونًا حازمًا، حاملًا رايةَ المحامين فقط، صاحبَ موقفٍ ومبدأ، لا يميل مع الأهواء، ولا تستهويه المراكز والمناصب، لأنه يتبوأ أعلى وأشرف وأرفع مركز”.
وتوجّه بازرلي إلى المرشحين الحاضرين طالبًا منهم “أن يبقى هذا التنافس تنافسًا شريفًا يليق بمهنتنا ورسالتنا في المحافظة على مناقبيتنا، وأن نكون يدًا واحدةً عند صدور النتائج، في سبيل الأفضل لنقابتنا ومهنتنا”.
وقال: “نريد لبنان دولةً حقيقيةً تحافظ على خصوصياته وتنطلق نحو المستقبل بإرادةٍ وتصميم، وسيبقى لبنان على الدوام وطنًا للحرية والتعددية. وسرّ لبنان ورسالته أنه لا يشبه أي وطنٍ آخر، ففي كل مسيحيٍّ شيءٌ من الإسلام، وفي كل مسلمٍ شيءٌ من المسيحية”.
وشدّد على أنّ “النقابة ستبقى حاملةَ أمانة الحق والحرية والعدالة والإنسان”.
وأضاف:”يوم 16 تشرين الثاني سيكون عرسًا ديمقراطيًا في النقابة، وأدعوكم للمشاركة في الانتخابات بكثافة، فصوّتوا للمسيرة التي سنُكمِلها سويًا، يدًا بيد، وبإيمانٍ لا يتزعزع. كونوا مع مشروعٍ وطنيٍّ يجمع كل أطياف المجتمع اللبناني، وكونوا مع نقابةٍ مستقلةٍ بأجهزتها وإدارتها الذاتية، لا يحكمها سوى السلطة النقابية المنتخبة، ولا ترضخ لأحدٍ سوى للجمعية العمومية للمحامين”.
وتابع: “ليكن صوتنا ممارسةً لحقّ الخيار لا مجرد اختيار، خيارَ التحديث والتغيير واستمرارية النقابة”.
وختم: “لنستمر في مسيرة الحرية والكرامة، لتبقى النقابة حصنَ العدالة والإنسان، ولنصوّت لمصلحة وحدة النقابة واستقلاليتها”.



