Categories: أخبار

تأجيل الانتخابات.. القرار الخارجي لم يتخذ بعد

مسألة تأجيل الانتخابات النيابية في لبنان لم تعد مجرّد احتمال عابر، بل تحوّلت إلى ملفٍ سياسي معقّد تتداخل فيه الحسابات الداخلية مع الرغبات الخارجية. فحتى الآن، لا يوجد قرار حاسم لا من الخارج ولا من الداخل بشأن موعد الاستحقاق، إلا أنّ النقاش الدائر في الكواليس يكشف عن معادلات دقيقة تحكم هذا الملف.

فالعامل الأول والأساسي يبقى الرغبة الخارجية، إذ إنّ الدول المؤثرة في الشأن اللبناني هي التي ترسم الإطار العام للمرحلة المقبلة. فإذا قرّرت هذه الدول أنّ الظروف غير مناسبة لإجراء الانتخابات، فالحجج لتبرير التأجيل ستكون جاهزة، سواء أكانت أمنية أو لوجستية.

لكن في المقابل، لم يظهر بعد ما يدلّ على وجود توجّه واضح نحو التأجيل، بل هناك من يرى أنّ القوى الخارجية تسعى لتحقيق تفوق دقيق بين إبقاء اللعبة السياسية مفتوحة وعدم السماح لأي طرف بالتفرّد بالقرار أو بالنتائج. هذه الحسابات ترتبط أيضاً بالرغبة في إعادة ترتيب الساحة الشيعية بشكل يضمن عدم حصول الحلفاء اللصيقين بحزب الله على ثلث المقاعد النيابية، وهو ما تعتبره بعض العواصم خطاً أحمر يمنح الحزب وحلفاءه قدرة التعطيل في البرلمان المقبل.

من هنا، تبرز أهمية الصوت الاغترابي كعامل ترجيح في المعادلة. فتصويت المغتربين بات مطلباً أساسياً لدى القوى المعارضة للحزب، التي ترى فيه فرصة لإحداث خرق داخل الساحة الشيعية في البرلمان، خصوصاً في ظل المزاج المعارض الذي يظهر بين اللبنانيين في الخارج. لذلك، تتجه هذه القوى إلى الضغط بكل الوسائل من أجل ضمان مشاركة الاغتراب، حتى لو استدعى الأمر تأجيلاً تقنياً للعملية الانتخابية بغية تأمين الوقت الكافي لتصويتهم وتنظيم اللوائح الخاصة بهم.

أما في الداخل، فالمشهد لا يقل تعقيداً. الأحزاب الكبرى تعيش حالة ترقّب وتحضير في آن واحد. هناك من يجهّز تحالفاته الانتخابية وكأنّ الانتخابات حاصلة في موعدها، وهناك من يتصرّف على قاعدة أن التأجيل شبه محسوم، ما يجعل الخطاب السياسي متبدلاً ومزدوجاً بين الدعوة إلى الاستحقاق وبين التلويح بصعوبات لوجستية. وفي خلفية كل ذلك، تبقى الحسابات الطائفية والمناطقية حاضرة بقوة، إذ يسعى كل طرف إلى حماية نفوذه ومنع خصومه من تسجيل أي اختراق سياسي أو شعبي.

مسألة الانتخابات ليست فقط استحقاقاً دستورياً، بل جزء من معركة توازنات داخلية وخارجية. القرار النهائي لم يُتخذ بعد، لكن المؤشرات تدل على أنّ أي مسار سيتخذ سيكون محكوماً برغبة الخارج أولاً، ثم بتقاطعات الداخل التي لا تزال متحركة ومتبدلة تبعاً للظروف والمصالح.

المصدر: Lebanon24

News Desk

Share
Published by
News Desk

Recent Posts

أصحاب مصانع الكرتون يحذرون من كارثة صناعية تهدد مئات العمال

زار وفد من اصحاب مصانع الكرتون المصنّع  وزير الصناعة جو عيسى الخوري عارضين له، بحسب…

4 دقائق ago

إسرائيل: حزب الله يحاول استعادة قدراته القتالية وتهريب أسلحة من سوريا

اتهم الجيش الإسرائيلي "حزب الله" بالسعي إلى استعادة قدراته القتالية في جنوب لبنان لدرجة تهدد…

5 دقائق ago

بالصورة: ضبط دراجات آلية مخالفة

صــدر عــــن المديريّـة العـامّـة لقــوى الأمــن الـدّاخلي ـ شعبة العـلاقـات العـامّـة البــــــلاغ التّالــــــي: في إطار…

9 دقائق ago

سرق سلاحًا حربيًا من داخل آلية عسكرية.. وهذا ما حلّ به!

أقدم المدعو "ع. ح." على سرقة سلاح حربي من نوع M16 من داخل آلية عسكرية…

15 دقيقة ago

رئيس الكتائب يزور كندا في هذا التاريخ

يبدأ رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل زيارة إلى كندا يوم  الجمعة المقبل في…

21 دقيقة ago

الدفاع المدني يواصل جهوده في إخماد حرائق اندلعت في مناطق عدة

أعلنت دائرة الإعلام والعلاقات العامة في المديرية العامة للدفاع المدني أن "فرقها تتابع منذ يوم…

23 دقيقة ago