الأكثريّة اليوم، وقفت إلى جانب النظام الداخلي لمجلس النواب، بعد، وبأسفٍ بالغ، لم يدرج اقتراح القانون المعجّلٍ المكرّر لتعديل قانون الإنتخابات على جدول الأعمال وفقاً للأصول المرعيّة، هذا الإقتراح القانون الذي تقدّمت به أكثريّة نيابيّة وازنة، وأكّدت بصوت عالٍ أن هكذا ممارسات هي مخالفة لجوهر الممارسة البرلمانيّة السليمة، وتمس، لا بل تتعدى، على حقٍّ مكتسبٍ للنواب أصحاب المبادرة التشريعيّة، وهو ما يستدعي وقفةً جادّة لإعادة تصويب البوصلة نحو احترام القواعد الدستوريّة والنظام الداخلي الذي يحكم عمل المجلس.
إنّ صوت اللبنانيين المقيمين خارج لبنان، الذي يُشكّل جزءاً مهماً من الجسم الانتخابي اللبناني ليس مجرّد رقمٍ إحصائي، بل هو نبضٌ وطنيٌّ نابض، وجزءٌ لا يتجزّأ من الإرادة الشعبيّة التي تُعبّر عن لبنان المقيم والمغترب على حدٍّ سواء. ومن حقّ هذا الصوت أن يُمارس دوره الطبيعي في الاقتراع داخل الوطن كما في بلاد الانتشار، تأكيداً لوحدة الكيان والهوية وتكريساً لمبدأ المساواة بين جميع اللبنانيّين.
وفي هذا السياق، نُوجّه التحيّة إلى كلّ نائبٍ أبدى اليوم تمسّكاً بالثوابت الوطنيّة، وحرصاً على صون الدستور واحترام النظام الداخلي للمجلس وبالتالي عمل المؤسّسات، ورفضاً لأيّ التفافٍ على الأصول أو تعطيلٍ متعمّدٍ لآليّات العمل النيابي. فهؤلاء يجسّدون فعلاً صورة النيابة المسؤولة التي تُعبّر عن ضمير الشعب وإرادته.
إنّنا نهدي ما حصل اليوم إلى الشعب اللبناني، المقيم منه والمغترب، تأكيداً منا على أنّ إرادته لا تُقصى ولا تُختصر، وأنّ لبنان العادل الحرّ سيبقى وطناً لجميع أبنائه حيثما وُجدوا، ما دام هناك من يؤمن بدولته وبمؤسّساته وبحقّه في المشاركة.
وفي الختام، وإذ نتمنّى لدولة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام التوفيق في جلسة الغد، نأمل أن تُتوَّج بخطواتٍ وقراراتٍ تُعيد الاعتبار إلى الإغتراب اللبناني، وتكرّس ثقافة الديمقراطيّة، وتُثبت أنّ دولة القانون والديمقراطيّة ما زالت قادرةً على النهوض حين تتوافر الإرادة الصادقة لذلك.

