3 نوفمبر 2025, الأثنين

رفع أسقف وتهديدات.. التصعيد الإسرائيلي يقترب من “الذروة”!

Doc P 1437386 638977583808066667
إلى وتيرة غير مسبوقة، تصاعد مستوى الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، لينبئ بتصعيدٍ عسكريّ يقترب من “الذروة” التي لم يبلغها على امتداد عامٍ من الاتفاق، ولو أنّ إسرائيل لم تلتزم مطلقًا، وهو مستوى يبدو أنّ الخطاب الإعلامي والسياسي الإسرائيلي يقترب منه أيضًا، وسط تكهّنات لا تنتهي عن “لحظة الانفجار”، في إشارة إلى الجولة الثانية من الحرب، التي يذهب البعض لحدّ التلميح إلى أنّها باتت “حتميّة”.
 
في الميدان، ظهرت هذه الإشارات بوضوح خلال الأيام القليلة الماضية، حيث اتسعت دائرة الاستهدافات عبر الطائرات المسيّرة والصواريخ الموجّهة، لتطال طرقًا ومركباتٍ في عمق مناطق مأهولة، مع عودة مسلسل الاغتيالات الذي يخشى كثيرون أن يكون “توطئة” لتوسيع الحرب عمليًا، علمًا أنّ التطورات الميدانية تتزامن مع خطاب إسرائيلي أكثر حدّة، يضع مسألة نزع سلاح “حزب الله” في صدارة الشروط العلنية لأيّ تهدئة مقبلة.
 
وينعكس ذلك أيضًا على المستوى الإعلامي والسياسي، حيث ارتفعت النبرة الإسرائيلية التهديدية بصورة مباشرة للدولة اللبنانية، ومن خلالها “حزب الله”، وصولاً إلى التلويح بضرب بيروت إذا تعرّض الجليل لأي استهداف، بالتزامن مع الضربة الإسرائيلية لمنطقة النبطية، وهي نبرة تأتي في وقت سُجّل نشاط لافت على الخط الدبلوماسي مع دخول مصر على خط الوساطات، فهل ترفع إسرائيل أسقفها استباقًا لما قد تفرزه القاهرة، أم أنها تستدرج “حزب الله” إلى الحرب؟!
 
إلى التصعيد دُر
 
صحيح أنّ التصعيد الإسرائيلي أخذ منحىً تصاعديًا تدريجيًا منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي جرى خرقه أيضًا في أكثر من مناسبة، إلا أنّ الصحيح أنّ وقائع الميدان في الأيام الأخيرة، تُظهِر اختلافًا جوهريًا في وتيرة الهجمات والخروقات، ولكن أيضًا في نمطها، حيث يسجَّل أنّ إسرائيل عادت في اليومين الماضيين إلى تكتيك الضربات الدقيقة، عبر مسيّرات وصواريخ موجّهة على طرق ومحاور مدنية الطابع، وهو ما يرفع من ثقلها.
 
هنا، يقول العارفون إنّ قصف المركبة في دوحة كفررمان، الذي أسفر عن سقوط أربعة شهداء، نعاهم “حزب الله”، يؤكد هذا الانطباع، الذي تعزّزه أيضًا الهجمات التي أعقبت هذا الاعتداء الدموي، وكلّها تميل للتصديق على منطق “توسيع بنك الأهداف”، مع إبقاء الاشتباك تحت سقف الحرب الشاملة، علمًا أنّ “حزب الله” يمتنع منذ الحرب الأخيرة عن أيّ ردٍّ على الاعتداءات الإسرائيلية، ملتزمًا بسقف الدوحة، ما يجعل التصعيد الجاري أحاديّ الجانب عمليًا؟
 
إلا أنّ المثير للانتباه هنا وفق ما يقول العارفون، أنّ بعض السلوكيّات التي يمارسها الجانب الإسرائيلي تحديدًا توحي وكأنّه يسعى لاستدراج “حزب الله” إلى الحرب، فالاستفزازات التي يمارسها ارتفعت، وآخرها الضربات المتقطعة في الجنوب، ولا سيما في النبطية، والتي ذكّرت كثيرين بالمرحلة السابقة للانتقال من جبهة الإسناد التي فتحها “حزب الله”، إلى الحرب الكاملة والشاملة، وهو ما بدأ أساسًا باغتيالات لبعض قيادات الحزب، خصوصًا العسكريّين.
 
بين نزع السلاح ومسار 1701
 
قد يكون من المؤشّرات، أو ربما المفارقات المهمّة، أن يتقاطع هذا التصعيد العسكري الإسرائيلي مع تصريحاتٍ وتسريبات إعلامية-سياسية في تل أبيب تتلاقى على “قرع طبول الحرب”، إن صحّ التعبير، وهو ما بدأ أساسًا منذ بدأ الإسرائيليون يتحدّثون عن أنّ الحزب بدأ يستعيد جزءًا من قدراته، وكأنّه بذلك أراد التمهيد لضربة يكون “تبريرها” منع الحزب من العودة إلى الوضع الذي كان عليه قبل الحرب الأخيرة، وفرض “نزع السلاح” بندًا أول على الأجندة.
 
وفي وقت لا يبدو أنّ قرار الذهاب إلى حرب شاملة قد اتُخِذ على أي مستوى، يخشى كثيرون من أنّ أي خطأ تقدير يمكن أن يبدّل قواعد الاشتباك سريعًا، ويقصي الوسطاء عن المشهد، خصوصًا أنّ التصعيد الإسرائيلي لا يأخذ بالاعتبار أيّ حسابات لا داخلية لبنانية ولا غيرها، بدليل التوغل البري قبل أيام في الجنوب، ومن ثمّ القصف في النبطية، فيما يرى كثيرون أنّ هدفه ليس سوى ربط أيّ تهدئة مستدامة بنزع سلاح “حزب الله” ليس أولاً، بل فورًا.
 
وإذا كانت هذه الجملة تتكرّر في الخطاب السياسي والإعلامي ربما لإنتاج إجماعٍ داخلي وتبرير كلفة الخيار العسكري إذا لزم الأمر، فإنّ الأنظار تتّجه إلى ما قد تحمله القاهرة من جديد على خطّ المفاوضات، علمًا أنّ المعطيات الأولية أشارت إلى إعادة تظهير قاعدة “التنفيذ الكامل وغير الانتقائي” للقرار 1701 كمرتكز عملي، وبالتالي فإنّ المَدخَل للبحث في التفاصيل يكون بضبط الخروقات وتفعيل آليات المراقبة لمنع الانزلاق نحو المواجهة الواسعة.
 
هكذا إذًا، تدار اللحظة الراهنة على حافة الذروة بين ضغطٍ عسكريّ محسوب، وتهديدات سياسيةٌ وإعلامية ترفع سقف الشروط إلى حدّ “نزع السلاح فورًا”، في مقابل مسعى مصري لإدارة ترجمة القرار 1701 ضمن حِزمٍ تنفيذية مرحلية. نظريًا، يبدو احتمال المواجهة الواسعة واردًا، تمامًا كما المسار المُدار، ولكن بين هذا وذاك، يبقى سؤال “الكلفة” هو الأهمّ، فهل يتحمّلها لبنان، وهو الذي لم يطلق بعد ورشة إعادة الإعمار، وهل تتحمّلها إسرائيل أساسًا؟!
 

المصدر: Lebanon24