كتبت دوللي بشعلاني في” الديار”: لا يزال إقرار حكومة الرئيس نوّاف سلام في جلستها بتاريخ 3 تشرين الأول الفائت، لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص موضع جدل واسع، وسط تساؤلات عن حجم الخسارة التي قد يتكبدها لبنان، والتي تتراوح بين 2637 و5000 كيلومتر مربّع من منطقته الاقتصادية الخالصة.
وقد أثار الاستعجال في البتّ بهذه الاتفاقية، بناءً على طلب قبرص، وبدفع غير مباشر من الولايات المتحدة و”إسرائيل”، شكوكاً حول خلفياتها وشفافيتها. فالمفاوضات بين بيروت ونيقوسيا انطلقت في 7 آب الماضي، أي قبل أقلّ من شهرين من إقرار الاتفاقية، من دون أن تُعلن الحكومة نصّها الكامل أو محاضر المفاوضات.كما لم يصدر بيان رسمي يوضح التعديلات على اتفاقية العام 2007، التي وُقّعت في عهد حكومة فؤاد السنيورة، لكنها لم تُبرم آنذاك بسبب انسحاب الوزراء الشيعة وتعطّل المفاوضات، ما سمح لاحقاً لـ”إسرائيل” بالاستفادة من الأخطاء الحدودية على حساب لبنان.
ويخشى مراقبون أن تتكرّر اليوم الخسارة نفسها، مع تثبيت الحكومة الجديدة لاتفاقية لم تُعرض بعد بشفافية على الرأي العام أو الجهات المختصة، ما يطرح تساؤلات عن “تفريط” الطبقة السياسية بمساحات بحرية تُقدَّر بثروات غازية مهمة. ورغم غياب الأدلة القطعية على إمكان “بيع” هذه الرقع، فإنّ المؤشرات تُظهر أن لبنان يخسر مئات أو آلاف الكيلومترات من بحره في كلّ اتفاق حدودي!
الخبير والأكاديمي في قضايا الحدود الدكتور عصام خليفة دعا عبر “الديار” إلى التروّي في إقرار الاتفاقية، محذّراً من اتخاذ أي قرار متسرّع قد يُفقد لبنان مساحات إضافية. وأوضح أنّ الفقرة الأولى من المادة الخامسة من الاتفاقية، تستوجب إقرارها في مجلس النواب وفق المادة 52 من الدستور، وليس الاكتفاء بموافقة مجلس الوزراء. لكن يبدو أنّ وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني يستعجل الذهاب إلى قبرص، رغم وجود ثُغر جوهرية لم تُعالج.
وأبرز التعديلات على اتفاقية 2007، على ما يشير خليفة تمثّل في استبدال “الخط 1″ بـ”الخط 23” عند نقطة التقاء الحدود الثلاثية بين لبنان وقبرص و”إسرائيل”، وإضافة النقطة 7 إلى النقطة 6 عند الحدود اللبنانية – القبرصية – السورية. غير أن هذا التعديل الأخير لا ينسجم مع الخط السوري، الذي يصل إلى النقطة 5، ما يستدعي إعادة دراسة علمية دقيقة لتجنّب التداخلات.
ولهذا يؤكد خليفة أنّ الاتفاقية يجب أن تُحال إلى مجلس النواب لإقرارها، ثم يوقّعها رئيس الجمهورية، وتُودع لدى الأمم المتحدة. لكن ثمّة عقبات بارزة: تركيا (أي قبرص التركية) وسوريا لم تُستشارا في المفاوضات، كما أنّ مجلس النواب اللبناني قد يرفض إقرار الاتفاقية. لجنة الأشغال العامة والطاقة والمياه النيابية كانت قد أوصت في اجتماعها بتاريخ 2 تشرين الأول، بالتريّث والاستعانة بخبراء دوليين، لتحديد الحدود البحرية بشكل دقيق يحفظ حقوق لبنان، معتبرة أن أي اتفاق مع قبرص سينعكس حُكماً على الترسيم مع سوريا.
ويذكّر خليفة بأن اتفاقية 2007 كانت أساساً غير منصفة للبنان، إذ فاوض عنها شخصان غير متخصصين من دون إشراك وزارة الخارجية أو السفارة اللبنانية في قبرص. وقد حذّر حينذاك العضو اللبناني في المحكمة الدولية جوزيف عقل من أنّ “الاتفاقية لا تؤمّن مصالح لبنان”. وفي حين قدّرت وزارة الخارجية من خلال تقرير كتبه السفير سعد زخيا (عندما كان مسؤولاً في مركز الأبحاث في الخارجية) خسارة لبنان نحو 2637 كلم2، أعلن رئيس مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش اللبناني العقيد عفيف غيث، في اجتماع اللجنة السابقة التي ألّفها الرئيس نجيب ميقاتي في 28 تشرين الثاني من العام 2022، أنّ الخسارة الفعلية تصل إلى 5187 كلم2.
وكانت اللجنة نفسها قد أوصت بإعادة التفاوض وفق إحداثيات جديدة، تراعي ليس خط المنتصف فحسب، بل نسب أطوال الشواطئ، إذ يبلغ طول الساحل اللبناني 188 كلم2 مقابل 103 كلم 2 فقط لقبرص. فلماذا تجاهلت حكومة سلام توصيات اللجنة النيابية، وكذلك رأي ممثل الجيش اللبناني، على ما يتساءل خليفة، ماضية في إقرار الاتفاقية رغم التحذيرات من خسارة مساحات بحرية تحتوي على كميات من الغاز الطبيعي؟! علماً بأنّه يتمّ تبرير استعجال الحكومة، بأن إعادة التفاوض قد تضرّ بمصالح لبنان وتفتح نزاعات جديدة، لكن خبراء قانونيين يرون أن طريقة احتساب المساحات الحالية، تعاني من شوائب فنية وقانونية واضحة.
ويلفت خليفة إلى أن الخبير الألماني روديغر وولفروم، الرئيس السابق للمحكمة الدولية لقانون البحار، الذي زار لبنان أخيراً وشارك في اجتماع اللجنة النيابية، أوصى بدوره بتريّث لبنان في إقرار الاتفاقية، نظراً إلى تعقيدات الوضع القبرصي، وبضرورة الاستعانة بخبراء دوليين، بل واقتراح إنجاز الترسيم مع سورية أولاً لتحديد النقطة الثلاثية بدقّة، مؤكداً أنّ للبنان الحقّ في مساحة بحرية أوسع.
أمّا إقرار مجلس النواب لهذه الاتفاقية، على ما يكشف خليفة، فقد يدفع “لجنة الدفاع عن حدود لبنان البرية والبحرية” إلى رفع دعوى قضائية ضدها، باعتبارها “اتفاقية تضرّ بالمصلحة الوطنية”، إذ إنها تُخسّر لبنان 2637 كلم2 إضافية، وربما 1011 كلم2 مع سوريا.ويبقى السؤال المفتوح: هل سيُسمح للبنان فعلاً باستغلال ما تبقّى من بحره؟ أم أن الاستعجال في التوقيع سيكرّس خسارة جديدة في سجلّ التفريط بالثروة الوطنية؟
المصدر: Lebanon24
كتب النائب غسان حاصباني على منصة "إكس": "مبروك للمغتربين: تسجلوا ولا تترددوا الحكومة أقرت مشروع…
كتب النائب غسان حاصباني على منصة "إكس": "مبروك للمغتربين: تسجلوا ولا تترددوا الحكومة أقرت مشروع…
لفت مصدر سياسي إلى أن نجل نائب شمالي راحل بدأ جولة حراك سياسي من خلال…
View this post on Instagram A post shared by Al Jadeed…
أفاد مصدر أمني مطّلع على التحقيقات في الشكاوى القضائية المقدَّمة من أحد النواب المتنيين على…
اعتبرت مصادر معنية "ان الغارات الاسرائيلية امس على جنوب لبنان لا تبدو مرتبطة مباشرة ببيان…