وأكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن «استقرار لبنان يصبّ في مصلحة أوروبا»، مشدداً على «وجوب التزام إسرائيل ما تمّ الاتفاق عليه في تشرين الثاني 2024، ولا سيما أن لبنان نفّذ كل التزاماته ولا يزال ملتزمًا بها رغم الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة».
كلام عون جاء خلال استقباله في قصر بعبدا وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانز، حيث تنصبّ جهود عون على حشد الدعم الدولي للبنان، بعد موافقة لبنان على الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل.
وجاء في” الشرق الاوسط”: تتعامل القوى السياسية مع دعوة رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، للتفاوض على أنه خيار أوحد يشكل تقدماً في الموقف اللبناني، لتحريك الاتصالات لإلزام إسرائيل بتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية.
وتؤكد مصادر مطلعة أن الرئيس عون لم يجدّد دعوته للتفاوض لو لم يلق تأييداً من «الثنائي الشيعي»، لا يقتصر على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وإنما ينسحب على «حزب الله»، وإن كان مضطراً من حين لآخر، لرفع سقفه السياسي بتكرار استعادته لقدراته الدفاعية، على حد قول أمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، في خطابه الأخير الذي يحاكي فيه بيئته الحاضنة لتبديد ما لديها من هواجس وتساؤلات، بامتناعه عن الرد على الخروق والاعتداءات الإسرائيلية.
فعون بدعوته للتفاوض يحظى بتأييد لا لبس فيه من «حزب الله»، وكل ما يقال بخلاف ذلك ليس في محله، كما يقول مصدر في «الثنائي الشيعي» ، خصوصاً أن تواصله برئيس الجمهورية لم ينقطع، ويتولاه المستشار الرئاسي العميد المتقاعد أندريه رحال، الذي يلتقي أحياناً رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، أو من ينوب عنه في الفريق المكلف بتولي الحوار مع رئيس الجمهورية.
ولفت المصدر إلى أن «الثنائي» يقف وراء عون في خياره التفاوضي. وقال إن بري على توافق معه بتطعيم لجنة الـ«ميكانيزم» بفنيين إذا اقتضت الضرورة وعند الحاجة، وهذا ما تداول فيه مع الموفدة الأميركية، مورغن أورتاغوس، على غرار ما حصل في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل، برعاية الوسيط الأميركي آموس هوكستين، وأدت لترسيم الحدود البحرية.
ورأى مصدر سياسي أن لا خيار أمام «حزب الله» سوى التموضع تحت سقف دعوة عون للتفاوض. وأكد أن إسرائيل لم تجب عن دعوته، وأن لا مشكلة مع الحزب الذي كان أشاد، بلسان أمينه العام، بموقف الرؤساء الثلاثة، وبطلب عون من قيادة الجيش التصدي لمحاولات التوغل الإسرائيلي في المناطق المحررة.
وقال إن لبنان يراهن على أن دعوة عون من شأنها أن تؤدي إلى تفعيل الدور الموكل للجنة الـ«ميكانيزم» من جهة، وإلى تحريك الوسائط الدولية والإقليمية ومنها المصرية لإلزام إسرائيل بالانخراط في المفاوضات من جهة أخرى، في ضوء الاستعداد الذي أبداه مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد في لقاءاته بالرؤساء الثلاثة. وأمل المصدر بتجاوب الحزب مع الأفكار التي تداول فيها مع أركان الدولة بموازاة تواصله مع المسؤولين الإسرائيليين ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه، لما لمصر من دور إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية في إنهاء الحرب في غزة بين حركة «حماس» وإسرائيل.
وأكد المصدر السياسي أن الحزب باقٍ على تفويضه لبري الذي كان وراء التوصل، بوساطة أميركية، لاتفاق ترسيم الحدود البحرية، ولاحقاً لوقف النار في الجنوب، الذي تبنّته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ولم تلتزم به إسرائيل. وقال إن دعوة عون لم تكن لبنانية فحسب، بل تحظى بتفهّم عربي ودولي، على أمل أن تلقى التأييد المطلوب من الولايات المتحدة التي تتريث بتحديد موقفها، وإن كان هناك في الإدارة الأميركية من يدعو لمفاوضات مباشرة.
وكشف المصدر، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، عن أن إسرائيل ما بعد هجوم «حماس» في السابع من تشرين الأول 2023 على المستوطنات الواقعة في غلاف غزة، غير ما كانت عليه قبل حصوله، وهي تتّبع استراتيجية دفاعية جديدة تتيح لها مسبقاً إحباط أي تهديد لأمنها لحظة بدء التحضير له؛ لئلا تفاجأ كما حصل في غزة.
ورأى المصدر نفسه أن لا بد من قيام لبنان بمروحة من الاتصالات الدولية والإقليمية تأييداً لدعوة عون، على أن تتلازم مع تواضع قيادة «حزب الله» وإقلاعها عن اتباع سياسة الإنكار والمكابرة ووقوفها خلف الدعوة الرئاسية، خصوصاً أن الحزب أول من وافق على وقف النار وتعاون مع الجيش بإخلائه جنوب الليطاني، امتداداً إلى البلدات الواقعة في شماله وتطل عليه، وتجاوبه مع الخطة التي وضعتها قيادته وأقرها مجلس الوزراء، وتنص على احتواء السلاح ومنع حمله أو استخدامه.
وكتبت” النهار”: يتأرجح المشهد الداخلي على صفيح ساخن لم يعد خافياً أن المخاوف تتآكله من كل الاتجاهات. ولعل اللافت في هذا السياق، أن أي ترددات إيجابية علنية لم تصدر بعد عن الإدارة الأميركية حيال الرسائل التي يطلقها على نحو يومي، رئيس الجمهورية جوزف عون في شأن استعداد لبنان للتفاوض، وكان آخرها أمس إشارة عون إلى أن التفاوض هو خيار وطني جامع لقطع دابر الذرائع حول الانقسامات اللبنانية حول هذا الخيار. ومع أن الأوساط المعنية لا تأخذ بعد بوجود تجاهل أميركي للموقف الرئاسي اللبناني من التفاوض، فإن أكثر ما يثير الريبة لديها أن يكون توزيع الأدوار الأميركي- الإسرائيلي يملي على واشنطن حالياً ترك موجة التهديدات الإسرائيلية تبلغ حجماً كبيراً لدفع لبنان إلى خطوات أكثر جذرية في نزع سلاح “حزب الله” مقدمة للشروع في تحديد إطار جديد للتفاوض.
في أي حال، لم يكن ممكناً تجاهل ارتفاع منسوب التهويل الإعلامي الإسرائيلي حيال لبنان إلى مستوى قياسي في الساعات الأخيرة، بما يرسم مناخاً هو أقرب إلى العد العكسي لاتساع الضربات الإسرائيلية ضد “حزب الله” حتى في عمق بيروت.
وكتبت” الديار”: مصادر مطلعة على اجواء بعبدا اشارت الى ان دعوة الرئيس تنطلق من قناعة بدأت تترسخ بضرورة كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها الامور، في وقت تتعامل فيه اسرائيل من منطق الرابح، في موازاة عدم وجود رغبة اميركية جدية بالضغط على تل ابيب، ما دفع بلبنان للمبادرة بطرح فكرة المفاوضات غير المباشرة، في ظل اجماع لبناني عليها، شعبي ورسمي، بهدف تجنيب لبنان المزيد من الدمار، وتحقيق وقف جدي لاطلاق النار، رغم ان لا اجابات اسرائيلية واضحة حتى الساعة.
وفي معرض ردها على كلام براك الاخير، رات المصادر بان من حقه ان يقول ما يريد، ومن حق لبنان ان يتصرف وفقا لمقتضيات مصلحته الوطنية، وبالتالي فان بيروت غير معنية بدعوته، التي تعبر عن رغبة اسرائيلية، سبق ووصلت عن طريق اكثر من جهة، معيدة التاكيد ان الموقف اللبناني واضح، وبيروت قدمت اقصى ما يمكن تقديمه.
اضافت: تكشف مصادر مواكبة، ان البند المتعلق بتقرير الجيش، سيكون بدوره محط أنظار، خصوصا بعد قرار رئيس الجمهورية تكليف الجيش التصدي للتوغلات الإسرائيلية، اذ علم ان التقرير سيتناول تفاصيل الخطة الميدانية في الجنوب، وسيعرض ما تحقق خلال الشهر الماضي، متضمنا تعدادا لمنشآت وبنى عسكرية وضع الجيش يده عليها، وتفاصيل حول كيفية تنفيذ قرار تكليفه مواجهة الخروقات الإسرائيلية.
وتتابع المصادر بان قائد الجيش سيركز خلال مداخلته على تعامل اسرائيل «المزاجي» مع لجنة «الميكانيزم»، وتجاهل الآليات المتفق عليها، في ظل امتناعها عن ابلاغ اليونيفيل والجيش بالاماكن المشبوهة للكشف عليها قبل استهدافها.

