Categories: أخبار

“فضيحة سماسرة” دفاتر السوق.. هكذا يؤمنون مواعيد مقابل دفع المال

في غضون أسبوعين فقط، انتقلت قصة استبدال إيصال رخصة القيادة إلى واجهة اهتمام الرأي العام: وزارة الداخلية أعلنت إمكان تحويل الإيصال المؤقّت إلى دفتر سوق عادي، لكن المفاجأة كانت عند أبواب “النافعة”: الخدمة تحتاج موعداً عبر المنصّة، فيما يكتشف المواطنون أن المواعيد غير متاحة منذ أسابيع وأن زمن الانتظار يطول بلا أفق واضح. هنا تحديداً بدأ وجهٌ آخر للأزمة يتكشّف؛ فمع انسداد المنصّة وتكدّس الطلبات، وجد كثيرون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما البقاء في الطابور الرقمي إلى أجل غير معلوم، وإما اللجوء إلى سماسرة يروّجون لقدرتهم على تأمين مواعيد “من خارج المنصّة” في مقابل مبالغ مالية. هكذا تحوّل إجراء إداري يفترض أن يكون سريعاً وشفافاً إلى سوق موازية تحكمها الندرة والوساطات، حيث تتبدّد مساواة المواطنين أمام الخدمة العامة، ويغدو الوصول إلى حق بديهي، كالحصول على رخصة، مرهوناً بقدرة البعض على الدفع أو بعلاقاتهم، فيما تتفاقم نقمة الناس على منظومة رقمية كان يُفترض أن تُقفل أبواب السمسرة لا أن تفتحها.

“لبنان24″ تابع هذا الملف، حيث أشارت مصادر وزارة الداخلية والبلديات إلى أنّ ما جرى هو استغلال للضغط الهائل على المنصّة بعد فتح باب استبدال الإفادات والحصول على رخص السوق، إذ عمد أشخاص ومكاتب إلى الدخول بكثافة وحجز مواعيد لصالح طالبي الخدمة لقاء بدل مالي. المصادر نفسها اشارت ل” لبنان 24″ الى ان الوزير تدخّل مباشرة واتّصل برئيس مصلحة تسجيل السيارات وطلب وقف هذه الممارسات فوراً، وتسهيل معاملات المواطنين للحصول على الخدمة المطلوبة بأسرع طريقة ممكنة ومن دون أي استغلال.

الوقائع على الأرض تبدو واضحة: مواطنون يحاولون استكمال معاملاتهم فلا يجدون موعداً على المنصّة، فيما تنتشر روايات عن عروض “سريعة” يقدّمها سماسرة خارج الأصول. بهذه الصورة، يتحوّل إجراء إداري بسيط إلى بوابة ابتزاز زبائني، ويُعاد إنتاج السوق السوداء في قطاع يفترض أن يقوم على المهل والشفافية ومعايير متساوية بين الجميع.

معلومات خاصة لـ”لبنان24″ تؤكّد أنّه وتلبية لطلب وزارة الداخلية، سيقوم رئيس مصلحة تسجيل السيارات خلال الأيام المقبلة بإجراءات استثنائية لمعالجة كثافة الطلبات وتفكيك عنق الزجاجة الذي أصاب المنصّة، بما يضمن تسريع المعاملات وإغلاق الثغرات التي تسلّل منها السماسرة.

القضية، إذاً، تتجاوز مشهد “الموعد غير المتاح” إلى سؤال أشمل عن عدالة الوصول إلى الخدمة العامة. فالمنصّة التي صُمّمت لضبط الدور ورفع الكفاءة، تحوّلت بفعل الضغط إلى حاجز إضافي لا يمرّ منه إلا مَن يملك “واسطة” أو استعداداً للدفع.
التدخّل الذي حصل من الوزير خطوة ضرورية لإعادة ضبط الإيقاع الإداري، لكن الاختبار الحقيقي سيكون في سرعة تفعيل الإجراءات الاستثنائية، وفي تجفيف منابع السمسرة عبر آليات تقنية ورقابية تمنع احتكار المواعيد وإعادة بيعها.

حتى ذلك الحين، يبقى المطلوب قناة واضحة للمواطن: مواعيد متاحة بشفافية، توزيع عادل حسب الأولوية، وإشعار رسمي بأي تعديل أو توسيع في القدرة الاستيعابية. فالناس لا تطلب معجزة؛ كل ما تريد هو دفتر سوق بلا سمسرة، ومنصّة بلا أبواب خلفية.

المصدر: Lebanon24

News Desk

Share
Published by
News Desk

Recent Posts

“سيدة الجبل” يطالب بتسليم السلاح ويستنكر العنف في شاتيلا

عقد “لقاء سيدة الجبل” اجتماعه الأسبوعي إلكترونيًا من مقره في الأشرفية، بحضور عدد كبير من…

3 دقائق ago

كائنات “تتنفس” الحديد بدلا من الأكسجين؟

وبحسب الدراسة الجديدة التي أشارت إليها مجلة "نيتشر" العلمية، فإن هذا النوع من البكتيريا يستفيد…

7 دقائق ago

السفير المصريّ من السرايا: ما يتعرّض له لبنان من اعتداء لا يجب أنّ يستمرّ

استقبل رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام في السراي الكبير  اليوم السفير المصري في لبنان …

9 دقائق ago

طلاب جامعة USAL يمثلون لبنان في بطولة آسيا الثالثة للمناظرات

انطلق فريق طلاب جامعة العلوم والآداب اللبنانية (USAL) للمشاركة في بطولة آسيا الثالثة للمناظرات باللغة…

12 دقيقة ago

إقفال سوبر ماركت في البيسارية لمخالفتها نظام الإقامة والعمل

قامت دورية من مركز أمن عام الزهراني الاقليمي بإقفال مؤسسة لبيع المواد الغذائية بالشمع الأحمر…

14 دقيقة ago

محفوض يدعو النواب إلى حماية حرية البرلمان

أعلن رئيس حزب "حركة التغيير" إيلي محفوض أن موقف النواب، خصوصًا نواب حزب "القوات اللبنانية"،…

15 دقيقة ago