9 نوفمبر 2025, الأحد

قانون الانتخاب ومنع التصعيد.. إلهاء سياسي واعلامي

Doc P 1439890 638982787767143573
يشهد لبنان في هذه المرحلة اشتباكًا سياسيًا متصاعدًا حول قانون الانتخابات، يبدو في جوهره وكأنه اشتباك لتجميل المشهد لا أكثر، أو ما يمكن وصفه بمحاولة “اللعب في الوقت الضائع”. فبدل أن يكون النقاش حول القانون خطوة فعلية لتحصين الاستحقاق النيابي وضمان نزاهته، تحوّل إلى ساحة لتبادل الاتهامات واستعراض المواقف، في وقت يدرك الجميع أن الظروف التي يعيشها البلد داخليًا وخارجيًا لا تسمح حتى الآن بحسم اجراء الانتخابات.

الجدل حول التعديلات الانتخابية ليس سوى انعكاس لحالة المراوحة العامة، إذ تتعامل القوى السياسية مع هذا الملف وكأنه مساحة آمنة لصرف الأنظار عن الأسئلة الجوهرية: هل يمكن فعلاً إجراء الانتخابات في موعدها؟ وهل تسمح التطورات الإقليمية والأمنية بذلك؟ كل المؤشرات تدل على أن النقاش الدائر حول تفاصيل القانون ليس سوى وسيلة لتمرير الوقت بانتظار تبلور صورة الوضع الإقليمي، وتحديدًا ما إذا كان التصعيد الأمني في الجنوب سيبقى ضمن الحدود المضبوطة أم أنه سيتحوّل إلى مواجهة أوسع.

في هذا السياق، يدرك رئيس الجمهورية أن التحدي الأكبر لا يكمن في النصوص القانونية أو الصياغات التقنية، بل في كيفية احتواء الضغوط الخارجية التي تتزايد يومًا بعد يوم. لذلك، يركّز في هذه المرحلة على تهدئة الداخل من جهة، واستيعاب الضغوط الإقليمية من جهة أخرى، في محاولة لتجنّب أي انفجار قد يطيح بالاستقرار الهش الذي تعيشه البلاد.

ويبدو واضحًا أن الرئاسة تتعامل بحذر شديد مع التطورات الميدانية، خصوصًا مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية التي تلوّح باستهداف العاصمة أو ضاحيتها الجنوبية. هذا الاحتمال وحده كافٍ ليجعل أي حديث عن استحقاق انتخابي أمرًا ثانويًا، لأن الأولوية في حال حصول تصعيد كهذا ستكون أمنية بامتياز، لا سياسية ولا انتخابية.

يمكن القول إن الاشتباك السياسي حول قانون الانتخابات ليس سوى واجهة إعلامية تُخفي خلفها قلقًا أعمق من المستقبل. فكل الأطراف، على اختلاف مواقعها، تدرك أن موعد الاستحقاق النيابي لا تحدّده النقاشات الدستورية بقدر ما تحدّده موازين القوى الإقليمية، وحجم التوتر على الحدود، وموقف القوى الدولية من استقرار لبنان. لذلك، فإن ما نشهده اليوم هو عملية تمويه سياسي مقصودة، هدفها الإيحاء بأن الحياة السياسية تسير بشكل طبيعي، بينما الحقيقة أن الجميع ينتظر لحظة الحسم الكبرى: هل سيُفتح الباب أمام الانتخابات، أم ستؤجل بفعل التطورات الأمنية والعسكرية المقبلة؟

المصدر: Lebanon24