أقامت بلدية راشيا مهرجان الاستقلال في قلعة راشيا، برعاية وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي وبمشاركة اتحاد بلديات جبل الشيخ.
وألقت وزيرة التربية والتعليم العالي كلمة قالت فيها: “نلتقي اليوم في مناسبةٍ يتجدّد فيها معنى الاستقلال، لا كذكرى نعلّقها على جدران الزمن، بل كقيمةٍ حيّة نمارسها يوميًا في حماية الدولة وبناء الإنسان، فالاستقلال الحقيقي لا يُقاس بغياب الوصاية فحسب، بل بقدرتنا على صون هويّتنا الوطنية، وترسيخ روايتنا الجامعة، وإحياء روح المواطنة في مؤسساتنا ومجتمعنا”.
أضافت: “كيف لا؟ ولقاؤنا اليوم في بقعةٍ من لبنان حفرت في حجارتها لحظات مشرفة من تاريخه، راشيا التي يتلألأ اسمها كلما ذُكر الاستقلال وتنير قلعتها الوجدان. ولم يبق هذا التميّز مجرّد لمحاتٍ في التاريخ نستذكرها، بل أنتم اليوم، طلاب لبنان، ومعكم هذا اللقاء الوطني الجامع، تجسّدونه من جديد، حيث يلتقي أبناء الشمال بعروبتهم مع أهل الجنوب بصمودهم، وتتعانق بيروت في مجدها مع أهل الجبل والبقاع في نسيجٍ يجسّد الوحدة الوطنية المنشودة”.
وتابعت: “في قلب هذا الحلم، تقف وزارة التربية والتعليم العالي أمام مسؤوليّة وطنيّة كبرى. ففي كلّ بلد يسعى لصون استقلاله، تكون التربية حارس وجدانه الجماعي، والدرع الذي يحمي هويّته من التشظّي. هي الجهة التي يُناط بها بناء المواطن لا المتعلّم فقط، وترسيخ الحسّ الوطني لا نقل المعرفة فحسب. وفي مؤسساتها تُصاغ السياسات التي ترسم مستقبل الوطن، وفي مدارسها تتكوّن القيم، وتُغرس البذور الأولى للمواطنة”.
وأردفت: “من هذا الإدراك، تتحمّل وزارة التربية في لبنان مسؤوليّة استثنائية في مرحلة حسّاسة من تاريخ الوطن، حيث تتنازع السرديات، وتضعف الثقة بالدولة، وتتهدّد قيم العيش المشترك. لذلك، كان واجبنا أن نعيد من خلال التربية السردية الوطنية الواحدة، تلك التي تجمع اللبنانيين، وتعيد الاعتبار لفكرة الدولة الحاضنة الجامعة، دولةٌ تتجاوز الانقسامات، وتفتح أمام أبنائها مساحة آمنة لعيش كريم يقوم على القانون والصالح العام”.
أضافت: “التربية ليست ترفًا ولا قطاعًا خدميًا، بل هي مشروع وطني متكامل تُبنى به الدولة وتُصان. وإذا كانت الجيوش تحمي الحدود، فإن التربية تحمي الوجدان الوطني من التفكك، وتمنحنا القدرة على البقاء شعبًا واحدًا رغم اختلافاتنا”.
وتابعت: “في هذا العيد الوطني، نؤكّد التزامنا أن تبقى التربية اللبنانية صوت الدولة ورسالتها وأداتها لبناء التماسك الوطني. وأريد لكم، يا طلاب لبنان، أن تعيدوا اكتشاف وطنكم، لا كجغرافيا فحسب، بل كحال إنسانية فريدة تجمع بين التنوع والوحدة، بين الحرية والانتماء، وبين العقل والإيمان”.
وأردفت: “أشكركم فردًا فردًا على هذا الإنجاز الوطني التربوي الوحدوي، وأخص بالشكر من صمّم فكرة هذا اللقاء، ومن عمل على تنظيمه، وكل المدارس والثانويات وطلابها الذين شاركوا فيه ورافقوا نجاحه بروح مسؤولة ووطنية. لقد أنرتم الذكرى وجسدتم معانيها بأرقى الصور، وجعلتم من عيد الاستقلال هذا العام نقطة انطلاق نحو استقلال تربوي يعيد بناء المواطن، ويحصّن المجتمع بالمعرفة والقيم، ويجعل من المدرسة الوطنية بوابة عبور إلى لبنان الذي نحلم به”.
المصدر: Lebanon24