التقرير الذي ترجمهُ “لبنان24” يقولُ إن الاغتيالات التي تقوم بها إسرائيل لعناصر من “حزب الله”، تعتبر “أحدث خطوات تل أبيب في حملتها المُستمرة لمنع حزب الله من إعادة تسليح نفسه وتنظيم صفوفه في منطقة جنوب الليطاني”.
وذكر التقرير أن “العمليات الإسرائيلية ضدّ حزب الله تعكسُ تعقيد اللحظة الحالية في لبنان والمنطقة على نطاق أوسع”، وأضاف: “لقد ضعف التحالف الإقليمي بقيادة إيران بشكل كبير جراء عامين من الحرب مع إسرائيل. ومع ذلك، لا تزال مختلف مكونات محور المقاومة بقيادة إيران، ونظام طهران نفسه، أقوى من خصومهم المحليين. ونتيجة لذلك، فهم الآن يُعوّضون خسائرهم”.
وتابع: “بالنسبة لحزب الله في لبنان، يعني هذا تجديد مخزون الأسلحة، وتجنيد وتدريب مقاتلين جدد. كذلك، يُهدد الحزب بحرب أهلية لردع أي توجه قد تتخذه السلطات اللبنانية لنزع سلاحه، ويبدو أن حزب الله يُحرز تقدماً مُطرداً في هذه المجالات”.
وزعم التقرير أن “الإنجاز العسكري الإسرائيلي في الفترة 2023-2024 كان هائلاً”، وأضاف: “وفقاً لأرقام إسرائيل، خسرت المنظمة نحو 5000 مقاتل، و7000 جريح، فيما دُمِّر حوالى 80% من قدراتها الصاروخية متوسطة وبعيدة المدى، كما فقدت المنظمة قيادتها السياسية والعسكرية العليا”.
واستكمل: “في حزيران الماضي، سعى المسؤولون الأميركيون إلى الاستفادة من النجاحات العسكرية الإسرائيلية بإطلاق عملية من شأنها إقصاء حزب الله نهائياً كقوة مسلحة على الساحة اللبنانية. كانت الحوافز المالية والعقوبات المحتملة هي الأدوات المختارة لتحفيز الحكومة اللبنانية على التحرك ضد المنظمة المدعومة من إيران. وبخلاف الإدارات اللبنانية السابقة، لا تعتمد حكومة الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام على حزب الله وحلفائه لضمان بقائها السياسي. ففي انتخابات عام ٢٠٢٢، لم تفز الجماعة وحلفاؤها إلا بـ 61 مقعداً من أصل 128 مقعداً في البرلمان اللبناني. ونتيجةً لذلك، أصبح لديهم خمسة مقاعد في الحكومة المكونة من 24 عضواً، وهذا أقل من الثلث المعطل اللازم لنقض القرارات”.
وتابع: “لذا، لا يوجد ما يمنع الحكومة من إصدار أوامرها للجيش اللبناني بالمضي قدماً في نزع سلاح حزب الله. كذلك، فإنه خلال شهر حزيران، قدّم مسؤولون أميركيون جدولاً زمنياً للعملية، ينص على إتمامها بحلول نهاية العام”.
وأوضح التقرير أنَّ “الاستثمار المُلِحّ في لبنان من دول الخليج يتوقف على اكتمال العملية بنجاح بحلول نهاية العام”، وأضاف: “في شهر آب الماضي، صوّت مجلس الوزراء على نزع سلاح حزب الله بحلول نهاية عام 2025. مع ذلك، ورغم السياسة المعلنة للحكومة، فإن نزع سلاح الجماعة الشيعية بالكامل لم يتحقق، ومن شبه المؤكد أنه لن يتحقق. مع هذا، لم يُحرز أي تقدم إلا في المنطقة الواقعة جنوب الليطاني، حيث دُمرت قدرات حزب الله بشكل كبير في الأشهر الأخيرة من عام 2024. أيضاً، لم يُتخذ أي إجراء شمال الليطاني، ولا في معقل حزب الله في سهل البقاع، ولا في جنوب بيروت. مع هذا، لا يُظهر الجيش اللبناني أي مؤشرات على التقدم في هذه المناطق، رغم إدراجها في الخطة التي قدمها إلى الحكومة”.
ويقول التقرير إنه “في هذه الأثناء، يُعيد حزب الله بناء نفسه”، وأضاف: “التوقعات بأن سقوط نظام الأسد في سوريا سيؤدي إلى قطع الجسر البري الإيراني إلى حزب الله والبحر الأبيض المتوسط، كانت مُفرطة في التفاؤل. لم تكن شبكات تهريب الأسلحة عبر سوريا مرتبطةً مباشرةً بالنظام المنهار، بل كانت شبكات تهريب محترفة، نشأت أساساً من الشريحة العربية السنية من الشعب السوري. كذلك، لم تختفِ هذه الشبكات ولم تتوقف عن العمل بسقوط الأسد”.
واستكمل: “في غضون ذلك، لم تُرسخ الحكومة السورية الجديدة سلطتها على كامل البلاد بعد، والنتيجة هي أن الشبكات المرتبطة بإيران لا تزال تنقل الأسلحة من العراق، عبر سوريا، إلى لبنان. كذلك، تُشكل هذه المواد جزءاً كبيراً من عملية إعادة الإعمار البطيئة التي ينفذها حزب الله، والتي لا تُواجه في معقله سوى إسرائيل، ومن الجو فقط”.
وأوضح أنَّ “أسباب فشل الحكومة اللبنانية في بذل أي جهد جدي لنزع سلاح حزب الله واضحة، وقد توقع العديد من المحللين هذا الفشل.”، وتابع: “يرتكز هذا الموقف على عاملين مترابطين، أولهما هو الخوف من اندلاع حرب أهلية إذا أصرت الحكومة على نزع سلاح حزب الله، وقد هدّد الأخير بهذا الاحتمال. وفي آب، وبينما كانت الحكومة تمضي قُدماً في مطلبها الرسمي بنزع السلاح، صرّح زعيم حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، بأن لبنان لن يكون له حياة إذا وقفتم في الجانب الآخر وحاولتم مواجهتنا والقضاء علينا.. لقد فُهم هذا في لبنان على أنه تهديد مُبطّن بحرب أهلية”.
وقال: “لا يزال في لبنان، لدى جميع شرائح الشعب، باستثناء حزب الله وحلفائه، خوفٌ عميق من العودة إلى أيام الحرب الأهلية المدمرة (1975-1990). في الوقتِ نفسه، يحرص حزب الله على الحفاظ على شرعيته السياسية الداخلية، ولا يرغب في توجيه سلاحه نحو إخوانه اللبنانيين. ومع ذلك، إذا ما وُجهت إليه مواجهة مباشرة، فلن يتردد في ذلك”.
وتابع: “آخر مرة حاولت فيها الحكومة اللبنانية تحدي الحزب بشكل مباشر كانت عام 2008. حينها، لم تقتصر مساعي الحكومة على نزع سلاح حزب الله بشكل عام، بل اكتفت بفرض سيطرتها الأمنية على مطار بيروت. حينها، كان رد حزب الله هو السيطرة على غرب بيروت، متجاهلاً القوات المرتبطة بالحكومة”.
ويلفتُ التقرير إلى أنه “لا يُوجد أي سبب يدعو للاعتقاد بأن الحزب سيوافق الآن سلمياً على تسليم سلاحه”، موضحاً أنَّ “الحكومة تخشى احتمال اندلاع حرب أهلية، وحزب الله يعلم ذلك، ولذلك، يعلمُ الأخير أيضاً أنَّ الحكومة تُخادع”.
وأكمل: “السبب الثاني لعجز الحكومة عن تنفيذ قرارها هو عدم تأكدها من قدرتها على تطبيق هذه الإجراءات فعلياً. مع أن الجيش اللبناني لا يُصدر أرقاماً رسميةً حول التركيبة الطائفية للجيش، تشير بعض المصادر إلى أن الشيعة اللبنانيين قد يُشكلون ما يصل إلى 50% من قوته البشرية”.
وتابع: “حتى لو كان الرقم الدقيق أقل، فمن البديهي أنه لا يمكن الاعتماد على قوة تضم نسبة كبيرة من الجنود الشيعة لأداء مهمة تتطلب، على أقل تقدير، تهديداً جدياً باستخدام القوة ضد الشيعة. ومرة أخرى، تدرك الحكومة هذا الأمر، وكذلك حزب الله. لذا، يدرك التنظيم أن تصريحات الحكومة خالية من المضمون”.
وقال: “هذا يعني أنه إذا أرادت إسرائيل منع حزب الله من إعادة بناء نفسه وتسليحه، فعليها أن تضمن ذلك بنفسها. وحتى الآن، يبدو أن إسرائيل تحقق هذا الهدف إلى حد كبير من خلال الجمع بين الاستخبارات الجيدة والقوة الجوية. كذلك، فقد يأتي وقت حيث يصبح الاختيار الذي يواجه إسرائيل هو إما تصعيد مستويات العمل الحالية ضد حزب الله أو قبول إعادة بناء المنظمة بشكل مطرد”.
وختم: “على أي حال، ينبغي استبعاد الآمال في أن تتمكن الحكومة اللبنانية من إضعاف حزب الله في إطار تأكيد سيادتها، فلا يوجد شريك لبناني لهذه المهمة”.

