Categories: أخبار

لا مفر من الإنتخابات.. قرار التأجيل مكلف على مَن يريده

وسط الكلام المتكرر عن تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة، تبدو الصورة الفعلية على الأرض مختلفة تمامًا. فكل التسريبات التي تتحدث عن رغبة قوى سياسية بتمديد الوقت وإبقاء البلد في حالة “انتظار” طويل، لا تنجح في إخفاء حقيقة ثابتة وهي أن قرار التأجيل ليس سهلًا هذه المرّة، لأن هناك أطرافًا وازنة داخل الدولة وفي مواقع القرار تريد الذهاب إلى الانتخابات، وترى أنها فرصة لإعادة ترتيب اللعبة السياسية بدل الغرق أكثر في التجاذبات والفوضى.

هذه القوى التي تدفع باتجاه إجراء الانتخابات ليست هامشية، بل تمسك بمفاصل أساسية في المؤسسات، على رأسها رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري و”حزب الله”، وبالتالي يصبح خيار تعطيل الاستحقاق شبه مستحيل ما لم يحصل حدث أمني كبير يفرض نفسه على الجميع، كتصعيد واسع من قبل إسرائيل على الأراضي اللبنانية أو اندلاع حرب شاملة تخلط الأوراق من جديد.
وبغياب هذا السيناريو، فان المؤشرات تشير إلى أن البلاد تتجه نحو صندوق الاقتراع في موعده، حتى لو ظلّ الكلام السياسي يتأرجح في العلن.

هذه الانتخابات لا تُعتبر مجرد معركة مقاعد وكتل. هي في الواقع الخطوة الأولى لمرحلة سياسية جديدة قد تتزامن مع انتخاب الرئيس جوزيف عون وبداية مسار مختلف في إدارة الدولة. فنتائجها ستحدد شكل الحكومة المقبلة، واسم رئيسها، وطبيعة التحالفات داخل مجلس النواب.

الأهم من ذلك أنها قد تنهي حالة التوازن السلبي داخل البرلمان، ذلك التوازن الذي شلّ القدرة على اتخاذ القرارات وأبقى البلد في دائرة الاستنزاف.

بحسب مصادر سياسية مطلعة، الواقع النيابي الجديد المتوقع أن ينتج عنه توازن سياسي أكثر وضوحًا، يجعل إمكانية الوصول إلى تسوية واسعة أمرًا ممكنًا. هذه التسوية من المفترض أن تضع حدًا لحالة الحرب المفتوحة سياسيًا وعسكريًا، وتعيد الاستقرار تدريجيًا للبنان، مع ما يعنيه ذلك من تحسين وضع المؤسسات ومحاولة التقاط أنفاس الاقتصاد.

إضافة إلى ذلك، فإن الانتخابات ستشكل فرصة لإعادة تثبيت شرعية القوى السياسية أمام جمهورها وفي مقدمتها “حزب الله”، الذي يحتاج إلى تجديد الغطاء الشعبي بعد سنوات من الحرب والكباش الداخلي. أي نتيجة تمنحه كتلة قوية ستشكل رسالة واضحة على استمرار ثقله الداخلي، ما يسهم في ترتيب البيت السياسي اللبناني بدل ترك المشهد مفتوحًا على سيناريوهات غير محسوبة.

الاستحقاق الانتخابي ليس ترفًا سياسيًا اليوم، بل ضرورة لتجاوز مرحلة الشلل ومنع انفلات الواقع أكثر. ولهذا، ورغم الضوضاء الكلامية، يبدو الطريق إلى الانتخابات مفتوحًا، والإطار العام يدل على أن البلاد مقبلة على تغيير سياسي، مهما كانت تعقيداته، لأن البديل هو الفراغ والفوضى، وهذا ما لم يعد أحد قادرًا على احتماله.

المصدر: Lebanon24

News Desk

Share
Published by
News Desk

Recent Posts

وزارة الخارجية ترعى مبادرة “العودة إلى جذور الأرز” دعمًا لحق المرأة اللبنانية

استضافت وزارة الخارجية والمغتربين برعاية الوزير يوسف رجّي فعاليات النسخة الرابعة من مبادرة "العودة إلى…

7 دقائق ago

في حيّ الضيعة… أطلقا النار على إبن عمّهما

أفادت مندوبة "لبنان 24"، أنّ ع.ز وشقيقه أطلقا النار على إبن عمّهما ي.ز، من دون…

8 دقائق ago

مخزومي خلال مأدبة عشاء على شرف ديفيد هيل: لإعادة بناء الدولة على أسس السيادة والشرعية والمساءلة

أكد النائب فؤاد مخزومي أن لبنان يمر بلحظة تاريخية تمثل فرصة ومسؤولية في آن واحد،…

18 دقيقة ago

إتفافية تعاون دفاعي بين لبنان و هولندا لتعزيز القدرات العسكرية

استقبل وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى في مكتبه في اليرزة وزير الدفاع الهولندي روبن…

29 دقيقة ago

وزير الدفاع يوقّع اتفاقية تعاون دفاعي مع نظيره الهولندي

استقبل وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى في مكتبه في اليرزة، وزير الدفاع الهولندي روبن…

30 دقيقة ago

أمن الدولة يضبط هدرًا في مالية بلدية بيروت

متابعةً لجهودها في حماية المال العام والحدّ من الهدر المالي، وبناءً على إشارة النيابة العامة…

39 دقيقة ago