Categories: أخبار

ما هي انعكاسات زيارة الشرع لواشنطن على الداخل اللبناني؟

على رغم أهمية المواضيع، التي سيثيرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس السوري أحمد الشرع، في لقائهما التاريخي اليوم في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، فإن لبنان لن يكون غائبًا عن جزء من محادثات الرجلين، باعتبار أن ما بين لبنان وسوريا والولايات المتحدة الأميركية أكثر من قاسم مشترك، من حيث العلاقات التاريخية، التي تربط كلًا من الوضعين اللبناني والسوري بالحالة الإسرائيلية، والتي ستكون الطبق الرئيسي على طاولة المحادثات بين ترامب والشرع.
وبما أن الحديث عن العلاقات التاريخية بين لبنان وأميركا لا بدّ من الإشارة إلى أن من بين الأسباب الرئيسية لمعاناة اللبنانيين حاليًا ما نتج عن تلزيم الإدارة الأميركية في عهد الرئيس رونالد ريغان لبنان للنظام السوري في عهد الرئيس حافظ الأسد، وما تبع ذلك من توالي الأحداث منذ اليوم الأول للتدّخل السوري المباشر بلبنان حتى خروجه في العام 2005، وما تركه هذا التدّخل المباشر في كل تفصيل من تفاصيل الحياة السياسية في لبنان من آثار سلبية من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
ومع اندلاع الحرب الداخلية في سوريا في العام 2011، ومع نزوح ما يقارب عدد نصف اللبنانيين من السوريين إلى لبنان هربًا من جحيم المعارك بين النظام السابق والفصائل الداعشية، دخل لبنان مرحلة جديدة من المعاناة، التي لا تزال قائمة بكل تداعياتها السلبية على رغم أن الخطوات الأولى تؤّشر إلى إمكانية التوصّل إلى إنهاء ما شاب العلاقة المتوترة، التي كانت تربط لبنان بالداخل السوري، من خلال ما يمكن أن تقدم عليه كلا الحكومتين اللبنانية والسورية من إجراءات من شأنها أن تعيد هذه العلاقات إلى ما يؤّسس لمرحلة جديدة من التعاطي الإيجابي بدءًا بإعادة الثقة المفقودة بين لبنان وسوريا، ووصولًا إلى إنهاء كل ما كان يعكّر صفو هذه العلاقات.
وبالعودة إلى صلب الموضوع من حيث التأثير الإيجابي أو السلبي على زيارة الشرع لواشنطن، فإنه من المتوقع أن يكون لها صدىً أميركي يتماهى مع المواقف، التي سبق أن أُعلنت على لسان أكثر من مسؤول أميركي بالنسبة إلى الوضع اللبناني الواقع بين “مطرقة” الاعتداءات الإسرائيلية اليومية والضغوطات الأميركية وبين “سندان” المواقف الداخلية من موضوع حصرية السلاح، مع ما أحدثته الرسالة الأخيرة التي وجهها “حزب الله” إلى كل من الرئيس جوزاف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام واللبنانيين من ردود فعل خارجية وداخلية.
واستنادًا إلى المواقف الأميركية من الوضع اللبناني، ومن بينها مواقف توم برّاك، فإنه في الإمكان رسم أكثر من سيناريو عمّا يمكن أن يواجهه لبنان في المرحلة المقبلة.
السيناريو الأول يلحظ استمرار العقوبات على شخصيات سياسية مرتبطة بـ “حزب الله” أو إيران، مع التهديد بوقف المساعدات الخارجية للبنان، وذلك بهدف الضغط على الحكومة اللبنانية لتسريع خطواتها في موضوع “حصرية السلاح” والعمل على الحدّ من نفوذ “حزب الله”.
ومن بين التداعيات المحتملة لهذا السيناريو ارتفاع منسوب التوتر بين الأطراف اللبنانية، خصوصاً بين الموالين لإيران والمعارضين لها، مع ازدياد تفاقم الأزمة الاقتصادية في حال توقفت المساعدات الدولية المرتبطة بالضغط الأميركي.
أمّا السيناريو الثاني فيقوم على الديبلوماسية الانتقائية من خلال تقديم دعم سياسي واقتصادي مباشر للأطراف اللبنانية الموالية للغرب، بهدف إيجاد أرضية خصبة لمناهضة أهداف “حزب الله”، ومحاولة إبقاء لبنان ضمن دائرة الرعاية الغربية. وهذا الأمر يقود تلقائيًا إلى توقع أن يكون لهذه السياسة تداعيات محتملة عبر رفع منسوب التوتر مع إيران وحلفائها في لبنان.
أمّا السيناريو الثالث فقوامه الضغط الإقليمي المتعدد الأطراف في محاولة لإيجاد استراتيجية شاملة تجاه لبنان، واستخدام الساحة اللبنانية كورقة ضغط إقليمية ضد النفوذ الإيراني، مع ما يعني ذلك من زيادة مخاطر التصعيد الإقليمي، خصوصاً على الحدود الجنوبية مع إسرائيل.
أمّا السيناريو الرابع فيقوم على إعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لقيامها بعدوان على لبنان غير معروفة طبيعته. وهذا الأمر سيستدعي رد فعل من قِبل “حزب الله” بعد إعلانه أنه قد أصبح في حال جهوزية للمواجهة.
أمّا إذا نتج عن زيارة الشرع لواشنطن قرار سوري بتحسين العلاقات معها فهذا يعني تحريك ملف التسوية مع إسرائيل، وهو موضوع شائك وحسّاس جدًّا، مع ما يُحكى عن اتفاقات غير مباشرة على الحدود، وتهدئة في الجولان، أو فتح خطوط اتصال ديبلوماسية.
ومن بين التوقعات المحتملة عن الانعكاسات المباشرة لهذه الزيارة على الداخل اللبناني إمكانية حصول لبنان على فرص تعزيز استقراره عبر تخفيف التوتر على حدوده الشرقية، مع ما يمكن أن ينتج عن هذا الوضع من تحريك ملف التبادل التجاري مع سوريا، وامكانية استقطاب استثمارات أميركية محتملة إذا ربط الانفتاح السوري بالسلام والاستقرار.
فلبنان، برأي بعض السياسيين، يمكن أن يستفيد من الانفتاح السوري على أميركا أو إسرائيل إذا تحرك بحذر، محافظاً على توازنه الداخلي وسيادته، مع استغلال الفرص الاقتصادية والديبلوماسية من دون اضطراره للدخول في تبعيات مباشرة.

المصدر: Lebanon24

News Desk

Share
Published by
News Desk

Recent Posts

أمن الدولة: توقيف مروّج عملات مزيفة في البقاع

أعلنت المديريّة العامّة لأمن الدّولة أنه في إطار متابعة المديريّة العامّة لأمن الدولة لجرائم ترويج…

6 دقائق ago

في طرابلس.. اعتصام لأصحاب محطات تعبئة الغاز طالب بإعادة النظر في قرار إقفالها

نفذ أصحاب محطات تعبئة الغاز السائل في طرابلس والجوار اعتصاماً في منطقة التبانة، احتجاجاً على…

10 دقائق ago

عز الدين تمثل مجلس النواب في القمة العالمية للتنمية الاجتماعية في قطر

شاركت رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابية النائب عناية عز الدين، ممثلةً مجلس النواب اللبناني، في…

12 دقيقة ago

حرائق المطلة والجليلية تخرج عن السيطرة… والرياح تزيد المخاطر

تتواصل الحرائق المشتعلة في خراج بلدتي المطلة والجليلية في قضاء الشوف بوتيرة متصاعدة، وسط صعوبات…

18 دقيقة ago

حرائق شحيم وداريا تقترب من المنازل… والبلديات تطلب دعم الجيش

ناشد رئيس اتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي المهندس ماجد ترو، ورئيس بلدية شحيم المهندس طارق…

20 دقيقة ago

الحاج حسن: الضغوط لن تغيّر موقفنا من العدو الإسرائيلي

اعتبر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسين الحاج حسن، أن "بعض القوى الداخلية تسعى لتجريد…

27 دقيقة ago