“العُمدة” زُهران ممداني/ اسمٌ دخلَ التاريخَ من بابه العريض/ بزِلزالٍ مركَزُه نيويورك لكنه ضَرَبَ أساساتِ البيتِ الأبيض وسياساتِه/ وأَحدَثَ هَزَّاتٍ ارتداديةً في ثلاثِ ولاياتٍ أَوصَلَت مُسلمين إلى مواقعَ هامة/ مصحوباً بتسونامي تصويتٍ اندَفَعت إليه فئاتُ المجتمعِ المهمَّشة/ والعنصرُ الشبابيُّ الذي قَلَبَ المعادَلةَ وغيَّرَ الموازين// لم يَخرجْ “ممداني” من رَحِم النُّخبة/ ولا من نادي أصحابِ النفوذ/ ولم تَلِدْه دولةُ المالِ والاقتصادِ والأعمالِ العميقة/ بل تَخَرَّجَ من صفوفِ الطبقةِ العاملة ونالَ لَقَبَ “بطلِها”/ ما دفَعَ خصومَه لوصفِه “بالمسلم الشيوعي”/ والمُعادي للسامية// “ليلةُ القبضِ” على نيويورك/ أَعادَت عَقاربَ الزمنِ أربعةً وعشرينَ خريفاً إلى الوراء/ يومَ أَفرَزَت أحداثُ الحادي عَشَرَ من سبتمبر مصطلحَ “الإسلاموفوبيا”/ لكنَّ تَبَوُّؤَ ممداني “المسلم” لثاني أكبرِ منصِبٍ في الولايات المتحدة/ ومعه آخَرون من “طينتِه” في ولاياتٍ اخرى أطاحَ بالكَراهيةِ المُفتَعلة خِدمةً للسياسة وإفرازاتِها في اجتياحِ الدولِ وتغييرِ الأنظمة/ فكانَ أَنْ أَطلَقَ أولَ شعاراتِه بعد انتخابِه بمحاربةِ مُعاداةِ الساميَّة وكَراهيةِ المسلمين// لم تكنْ معركةُ “ممداني” مجردَ معركةٍ انتخابيةٍ على منصِبٍ لولايةٍ عُمِّرت بأيادي المهاجِرين/ بل شَكَّلت مختبراً لتحوُّلٍ تاريخيٍّ على أبوابِ الانتخاباتِ النِّصفية/ وما بعدَها الانتخاباتُ الرئاسية/ وأَحدَثَتِ انقلاباً في مِزاجِ الناخبِ الأميركي/ فهل تُعِيدُ تركيبَ الُّلعبةِ السياسية ؟ على معادلةِ الوجهِ الجديد/ الذي وقَفَ بوجهِ النظامِ السياسيّ القديم// أُغلِقت بورصةُ نيويورك الانتخابيةُ على فوزِ “ممداني” وغداً يومٌ آخَر/ لكنَّ الإغلاقَ الحكومي الذي سَجَّل الرقمَ القياسيَّ الأطولَ في تاريخ البلاد/ كان عامِلاً سلبياً للجُمهوريين في الانتخابات بحَسَبِ الرئيسِ الأميركي دونالد ترامب/ فحمَّلَ الديمقراطيينَ مسؤوليةَ الخَسارةِ واتَّهَمَهم بأنهم يتصرَّفونَ بشكلٍ انتحاري ويدمِّرونَ البلاد// أما لبنان فيَفتَحُ بابَه الحكوميَّ غداً على مِصراعَيْن: قانونُ الانتخاب وحصرُ السلاح// الأول مرفوعٌ إلى مجلسِ الوزراء على ثلاثةِ مقترحات: اقتراعُ المغتربينَ للنوابِ المئةِ والثمانيةِ والعشرين/ أو اعتمادُ القانونِ النافذ بعد معالجةِ شوائبِه/ أو اقتراعُ غيرِ المقيمينَ في دوائرِ قَيدِهم في لبنان بعد التوافقِ السياسي/ وقد يكونُ الثالثُ ثابتاً كمَخرجٍ يُرضي الجميع/ لتنحصرَ أمُّ الأزَماتِ في حصريةِ السلاح/ وبموازاة التقريرِ الثاني لقيادةِ الجيش والشَّوْطِ الذي قَطَعته في تنفيذ خُطتِها/ فإنَّ حزبَ الله بإعلانِه التمسكَ بالسلاح والمجاهَرةِ باستعادةِ العافية إنما يُعطي مَزيداً من الذرائعِ لاستهدافِ بيئتِه ومِن ورائها كلُّ لبنان من عدوٍّ لم يَحْتَجْ يوماً لمبرِّر/ ومعَ اختلالِ موازينِ القوى/ وعدمِ فاعليةِ سلاحِ الماضي الثقيلِ في الزمن الحاضِر/ فإنَّ لبنانَ وإلى الحصارِ الإسرائيليِّ المفروضِ عليه والتهديدِ بالتصعيد/ محاصَرٌ بعُزلةٍ اقتصاديةٍ ومالية/ وبين النارَيْنِ تسيرُ الثلاثيةُ الرئاسية على خطِّ الدبلوماسيةِ والاستعدادِ للتفاوض/ للوصول إلى حلٍّ يَفتحُ البابَ أمام فكِّ الطَّوقِ عن لبنان والبَدءِ بإعادة الإعمار// وإعادةُ الإعمار لا تكونُ ببناءِ أبراجٍ في الهواء وأوهامٍ على الأرض بل بقرارٍ يَنخرطُ فيه حزبُ الله في نسيجِ الدولة ويَخرجُ من أنسجةِ المَحَاور.//
أسرع الأخبار

