بخُّ السُّمِّ لبناني / والتِّرياقُ “أميركاني”/ وعلى “جُرُعات”/ مرةً بالإشاداتِ ومراتٍ بالتهديدات/ وكلُّه مدروسٌ كي لا ينهارَ سقفُ الدولةِ على “هيكلِها”// وفي خُطةٍ ممنهَجة لزيادة الضغطِ على لبنان عبر “فركة أذن” المؤسسةِ العسكرية/ رَفع صقورُ الكونغرس “الدوز” ودَخلوا في مَزاد “صولد وأكبر” في توجيهِ الاتهاماتِ إلى الدولة اللبنانية من خلال الجيشِ اللبناني/ وإطلاقِ المواقفِ الحامِلة للرؤوسِ الحامية من على مِنصة الكابيتول// وإلى المواقفِ عاليةِ النَّبْرة قَطعوا طريقَ اليرزة -واشنطن/ وأَلغَوْا مواعيدَ قائدِ الجيش رودولف هيكل في العاصمة الأميركية ومن بينها حفلُ الاستقبال معَ الجالية اللبنانية// الحملةُ هذه خِيضَت على شكلِ حربٍ افتراضية بسلاح التغريد تولَّى نشْرَها وتداوَلَها كلٌّ من السيناتور ليندسي غراهام وجوني إرنست/ وفيها اتهاماتٌ مباشِرة لقائد الجيش على خلفية وصفِه إسرائيلَ بالعدو بعد حادثةِ اليونفيل / وأن القواتِ المسلحةَ اللبنانية هي استثمارٌ غيرُ مُجدٍ لأميركا/ بسبب الجهودِ الضعيفة وشبهِ المعدومة لنزع سلاح حزبِ الله/ في حين سَجلتِ السيناتور جوني إرنست خيبةَ أملِها من التصريحِ الصادر عن الجيشِ اللبناني/ وكَتبت أن إسرائيل مَنحت لبنانَ فرصةً حقيقية للتحرر من إرهابيي حزبِ الله المدعومين من إيران// الحملةُ على الجيش وقيادتِه لم تكنْ وليدةَ “بيان” إنما بدأت قبل أسابيعَ من خلال الصِّحافةِ الإسرائيلية واللوبي الصهيوني النافذ داخلَ دوائرِ القرار الأميركي // وبين رأيٍ أميركي يترأسُ “الميكانيزم” يدافعُ عن إنجازاتِ الجيش ويُثني عليها جنوبَ النهر/ وآخَرَ يتولى الهجومَ في مَعرِض الضغط على الرئاسة والحكومة/جرت عمليةُ تبادلِ الأدوار/ وعلى خطِّها/ نَقلت مصادرُ عسكريةٌ للجديد إصرارَ الجيشِ اللبناني على استكمال مَهامِّه وتنفيذِ خُطةِ الحكومة في حصرِ السلاح وانتشارِ الجيش ضِمنَ الجدولِ الزمني المحدد/ وبعد تصريحاتِ بعضِ أعضاءِ الكونغرس ارتأى قائدُ الجيش إلغاءَ الزيارةِ منعاً للإحراج// “الخَضَّةُ” الأميركية على الأرض اللبنانية/ لم تَحجُبِ الأنظارَ عن مؤتمر بيروت واحد/ الذي استضافَت فيه العاصمةُ اللبنانية وفوداً “متعددةَ الجِنسيات”/ وفي كلمتِه الافتتاحية وجَّه رئيسُ الجمهورية نداءً لكلِّ صديقٍ ومستثمرٍ وشريكٍ محتمل : /لبنان لا يطلبُ تعاطُفًا بل ثقة/ ولا يَنتظرُ صَدَقةً بل يقدّمُ فرصة / وما وجودُ الوفودِ سوى استثمارٍ في الاستقرار/ وإذ خَصَّ الوفدَ السعوديَّ المشارِك بقولِه” بيروت اشتاقت لكم” وجَّه التحيةَ إلى السفيرِ الأميركي ميشال عيسى ومنه إلى الرئيس دونالد ترامب//انتهى يومُ لبنان/ ليبدأَ “الثلاثاءُ الكبير” في واشنطن/ وهذه المرةَ ليس انتخاباً بل استقبالٌ “مُلوكيٌّ” لولي العهد السعودي محمد بن سلمان/ بعد “غيبةِ” السنواتِ السبع عن آخِر زيارةٍ إلى الولايات المتحدة الأميركية// بحَفاوَةٍ لافتة في الشكل تؤكدُ ما قاله ترامب عن أنَّ الزيارةَ أكثرُ من مجردِ لقاء/ بل هي تكريمٌ للمملكة/ وفي المضمون فإنها ترسِّخُ الرياض كحليفِ واشنطن الأساسيِّ في المنطقة / لما تشكلُه المملكةُ كمركَزِ ثقلٍ جغرافيٍّ وجيوسياسي / وإلى العناوينِ الاقتصاديةِ والاستثماريةِ والعسكريةِ والتكنولوجية/ فإنَّ الأهمَّ هو حصولُ السعودية على الضماناتِ الأمنية وسَطَ إقليمٍ مضطرب/ كانت فيه المملكةُ أرضاً للقِممِ والمؤتمراتِ على أنواعها/ ولعبت دوراً مِحورياً في الاستحصالِ على اعتراف مئةٍ وسبعٍ وخمسينَ دولةً بالدولة الفلسطينية/ وأَثبَتَت أنها هي مَنْ ستضعُ أسسَ النظامِ الإقليمي الجديد ومسارِ السلام/ في مواجَهة الشرقِ الأوسط الجديد ومسارِ الحرب برعاية بنيامين نتنياهو// وبعد مَشاهِدِ استقبالِ ترامب لـ ابن سلمان وتَجوالِهِما في البيت الأبيض/ من المؤكد أن نتنياهو أَخذَ يَضرِبُ أخماساً بأسداس//
المصدر: AlJadeed