5 نوفمبر 2025, الأربعاء

ندوة حوارية في جامعة الحكمة حول مفهوم الرجاء في الديانات التوحيدية

Doc P 1438286 638979356419751982
نظمت جامعة الحكمة ندوة حوارية حول “مفهوم الرجاء في الديانات التوحيدية” في إطار فعاليات السنة اليوبيلية 2025- حجّاج الرجاء، مما يعكس رسالة جامعة الحكمة منذ تأسيسها والقائمة على تعزيز مناخات العلم مع الحوار والإنفتاح للمحافظة على القيم الإنسانية والوطنية.
شارك في الندوة الخوري الدكتور ميلاد عبود متخصص في اللاهوت الأخلاقي والعقائدي عميد شؤون الطلاب في جامعة الحكمة، الشيخ الأستاذ محمد حسن زراقط أستاذ الفقه والمعارف الإسلامية ومدير قسم البحوث في جامعة المصطفى العالمية، الدكتور أحمد الزعبي أستاذ الدراسات الإسلامية في معهد الآداب الشرقية (ILO) وفي معهد الدراسات الإسلامية والمسيحية (IEIC) في جامعة القديس يوسف في بيروت، البروفسور نهى ملاعب المتخصصة في تاريخ العالمين الإسلامي والمتوسطي (الأوروبي) السياسي والحضاري – الديني في العصور الوسطى، الأب إميل عقيقي المتخصص في الديانة اليهودية واللغة العبرية الحديثة والقديمة، وأدارها مرشد جامعة الحكمة الخوري جوزف نايل، وذلك بحضور ممثل راعي أبرشية بيروت للموارنة ووليّ جامعة الحكمة الخوري الدكتور ميلاد عبود، ممثل رئيس الجامعة نائبه للشؤون الأكاديمية الدكتور ريان هيكل، النائب البطريركي المطران أنطوان عوكر، أمين سر اللجنة الأسقفية للتعليم العالي والجامعي في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك الخوري جان بول أبو غزالة وحشد من الكهنة والراهبات وعائلة جامعة الحكمة من نواب الرئيس وعمداء وأساتذة وإداريين وطلاب.

إلتقت الآراء على أن الرجاء ليس حكرًا على دين بل هو عطية إلهية لكل إنسان ويشكل قاعدة كبرى للتلاقي على أسس التسامح والرحمة، فالتجليات الإيمانية تنطلق من زوايا متقاربة إنما المهم توظيفها في إيجاد الحلول للأزمات الراهنة.
وفي بادرة شكر، قدم نائب رئيس جامعة الحكمة للشؤون الإدارية إيلي أبي عاد دروعًا تكريمية للمحاضرين.
المفهوم الديني للرجاء
بدأت الندوة بكلمة ترحيبية للخوري نايل قال فيها إن جامعة الحكمة تستضيف هذه الندوة تعبيرًا عن تمسكها برسالتها الوطنية والإنسانية الجامعة، لافتًا إلى أهمية تقديم خلاصة تجمع وتحقق التلاقي في هذا الزمن الذي يضج بالإنقسامات والحروب.
وقد أكد الدكتور أحمد الزعبي أن “مقام الرجاء مقام عظيم وهو ترقب خير وأمل في الحصول عليه وهو الإمتلاء بالأمل لأجل المستقبل والعيش به لنيل المأمول”. أضاف أن “الرجاء هو سياحة دائمة في أفق السير إلى الله هربًا من الشرور واحتماء بالخيرات بجناحَي الإستغفار والدعاء. وقال الدكتور الزعبي إنه “على أسس محبة الخير والخوف من الشطط والرغبة في التلاقي والنفع والخير العام والتسامح قامت واحدة من أهم المبادرات الدينية في العصر الحديث وهي وثيقة الأخوة الإنسانية” عام 2019 داعيًا إلى استحضارها عشية الزيارة المرتقبة لقداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان.
وكذلك قال الشيخ محمد حسن زراقط إن “الرجاء باب من أبواب الإعتقاد بالله”، و”يمكن عدّ الرجاء فضيلة من الفضائل حسب الرؤية الإسلامية، وهي تقع بين رذيلتين تصنّفان في دائرة الكبائر هما اليأس من رحمة الله والأمن من مكر الله”. وترتبط بمفهوم الرجاء مفاهيم التوكل، الثقة بالله، وحسن الظن بالله، وقد فتح الله أبواب الرجاء من خلال الدعاء والتوبة، وهو الغفور الرحيم التوّاب الرزّاق الكريم. كما لفت الشيخ زراقط إلى أن الرجاء باب من أبواب العمل فالإنسان لا يمكن أن يقدم على عمل إلا عندما تكون جذوة الرجاء مشتعلة في نفسه ولولا الرجاء يتحول الإقدام على العمل إلى أمر عبثي.
وأكدت البروفسور نهى ملاعب أن “الرجاء في التصوّر العرفاني الدرزي هو الواسطة الروحية بين المؤمن والرحمة؛ فكلّما صفا الرجاء من شوائب الخوف أو الطمع، إزداد السالك لله قابلية لتلقي الفيض الإلهي والرحمة”. وقالت “إن الهدف الذي ينبغي على الموحد السعي إليه في حياته هو بلوغ الرحمة بالرجاء”. وتابعت: “في هذا السياق كانت تعاليم أئمة الموحدين رحمة للمؤمنين، تخاطب ضمائرهم وتهديهم إلى الفضيلة. والفضيلة مشروع دائم في تعليم الموحدين الدروز، يفرض على الإنسان الإخلاص والمراقبة الذاتية الدائمة للنفس والإرتقاء بها إلى عالم المثل رجاء الفوز بمغفرة الله ورحمته”.
متحدثًا عن مفهوم الرجاء من المنظار اليهودي، قال الأب إميل عقيقي إن الرجاء في حياة اليهودي ليس مجرد نظرية بل هو واقع يحياه في خلال حياته في هذا العالم وتحمل الصلوات الفردية والجماعية اليهودية سمة الرجاء والتماس قيامة الأموات، كما التوبة إلى الله والثقة به إذ إن اليهود يؤمنون بأن رحمة الله وخلاصه يظهران في أصعب الظروف.
وفي كلمته، قال الخوري الدكتور ميلاد عبود إن الرجاء المسيحي ليس يوتوبيا فهو الترقب الفرح مع أن حصول الكارثة غير مستبعد. والرجاء فضيلة وبه نرغب بملكوت الله والحياة الأبدية واضعين ثقتنا بمواعيد المسيح مستندين لا إلى قوتنا بل إلى الروح القدس. أضاف متابعًا: “أن نعيش الرجاء يعني أن نجسده في أعمالنا فنسهم في بناء ملكوت الله، ملكوت الحب والعدالة ونسهم في مكافحة كل من يحتقر كرامة الإنسان”. وأكد أن “قيامة المسيح تنقلنا من الحزن إلى الفرح ومن اليأس إلى الرجاء، لأن الذي قام من الموت هو الذي حُكم عليه ظلمًا وعُلّق على خشبة، فالقيامة هي رجاء وتصديق لقوة الله القاهرة للموت والظلم”.

المصدر: Lebanon24