5 نوفمبر 2025, الأربعاء

صحيفة بريطانية تتحدث عن وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.. هذا ما كشفته

Doc P 1438255 638979323693644975 1
ذكرت صحيفة “The Spectator” البريطانية أنه “مر ما يقرب من عام منذ أن وقعت إسرائيل وحزب الله اتفاق وقف إطلاق النار لإنهاء حرب شرسة استمرت شهرين. في الواقع، لم يكن من الممكن أن تأتي الصفقة في وقت أفضل، فقد أدت آلاف الضربات الجوية والمدفعية الإسرائيلية إلى تدمير جنوب لبنان مما أدى إلى أزمة نزوح واستشهاد ما يقرب من 4 آلاف لبناني. في المقابل، لقد تم إخلاء مساحات كاملة من شمال إسرائيل بسبب هجمات حزب الله الصاروخية، مما أجبر حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إنفاق الأموال على إقامة عشرات الآلاف من المدنيين في الفنادق. لكن الاتفاق يتلاشى، فوقف إطلاق النار هو في الحقيقة وقف إطلاق نار اسميًا فقط. فهل سيصمد؟”

بحسب الصحيفة، “تواصل إسرائيل ضرب أهداف في لبنان، سواء في جنوب أو شمال نهر الليطاني، مدعية أنه إجراء دفاعي عن النفس لمنع حزب الله من إعادة التسلح. في نهاية الأسبوع الماضي، استشهد أربعة أشخاص في بلدة كفرصير جنوب لبنان، وقبل تلك الغارة، صرّح مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان باستشهاد أكثر من 100 مدني لبناني في هجمات إسرائيلية منذ توقيع اتفاق تشرين الثاني 2024. لقد أصبح الوضع لا يُطاق بالنسبة للسياسيين اللبنانيين، حتى أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمر الجيش بمواجهة إسرائيل في حال وقوع أحداث مماثلة مستقبلًا. إن حقيقة أن القدرة العسكرية اللبنانية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تضاهي القوات الإسرائيلية ليست ذات أهمية، فالمسألة الأكبر هي أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تؤدي إلى تنفير الحكومة اللبنانية، التي إن لم تكن صديقة إنما على الأقل ليست معادية”.

وتابعت الصحيفة، “ما يسميه حزب الله والمسؤولون اللبنانيون انتهاكات لوقف إطلاق النار، تُسميه إسرائيل دفاعًا عن النفس. ورغم انسحاب القوات الإسرائيلية من أجزاء صغيرة من جنوب لبنان سيطرت عليها لفترة وجيزة خلال الحرب، لا يزال الجيش الإسرائيلي يسيطر على خمس نقاط منفصلة على الجانب اللبناني من الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة، وهو ما يُعدّ خرقًا لشروط الاتفاق من الناحية الفنية. مع ذلك، يربط الإسرائيليون الانسحاب الكامل من لبنان بحل الحكومة اللبنانية ل”حزب الله”، ولا تنوي إسرائيل وقف الغارات الجوية طالما أن حزب الله يمتلك أسلحة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، يوم الأحد: “يجب تنفيذ التزام الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله وإخراجه من جنوب لبنان. سنواصل تطبيق أقصى درجات الأمن، بل وسنكثفها، لن نسمح بأي تهديد لسكان الشمال”.”

وأضافت الصحيفة، “تجد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسها في مأزق. من جانبه، يُحذّر توم برّاك، السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لترامب إلى سوريا ولبنان، من أن حزب الله لا يزال يمتلك مخزونًا لا يقل عن 15 ألف صاروخ، وأنه يعوض بعض الأسلحة التي فقدها خلال حرب العام الماضي. وفي مؤتمر عقد الأسبوع الماضي، نصح برّاك الحكومة اللبنانية بالجلوس مع إسرائيل والعمل على التوصل إلى اتفاق تطبيع، وكأن إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية من شأنه أن يحل بشكل سحري كل المشاكل بين هاتين الدولتين. وفي الحقيقة، يبدو أن هذه التوصية لا معنى لها على الإطلاق، لأن المسؤولين اللبنانيين سيجدون صعوبة في تبرير محادثات التطبيع طالما أن القنابل الإسرائيلية تقتل المواطنين اللبنانيين على الأراضي اللبنانية. إن القيام بأقل من ذلك من شأنه أن يعرض صدقية الإدارة الجديدة نسبيا للخطر في نظر الناس الذين من المفترض أنها تمثلهم”.

وبحسب الصحيفة، “من الصعب تصور ما يمكن لواشنطن فعله لإصلاح الأمور، فحزب الله ليس لديه أي حافز للتخلي عن أسلحته الصغيرة وصواريخه وقاذفاته ومتفجراته إذا استمرت إسرائيل في الهجوم. أما إسرائيل، بدورها، فليس لديها أي حافز للتوقف عن التعامل مع لبنان كقطعة أرض خاصة بها طالما رفض حزب الله نزع سلاحه والتحول بشكل صارم إلى حزب سياسي سلمي. إن هذه الدوامة تزداد تعقيدا بسبب دول الخليج، التي عادة ما يُطلب منها جمع الأموال لإعادة إعمار لبنان، ولكن من غير المرجح أن تكتب أي شيكات إذا لم تشعر بالارتياح لأن الحرب قد انتهت حقا. هذا لا يعني أن الوضع سلبي تماماً، فاستئناف الحرب الشاملة بين حزب الله وإسرائيل، والذي افترضه العديد من المراقبين بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ بفترة وجيزة، لم يحدث، كما وشهد شمال إسرائيل هجومًا صاروخيًا واحدًا فقط من لبنان. كما وبدأ السكان الإسرائيليون الذين نزحوا إلى المدن الكبرى خلال الأعمال العدائية بالعودة إلى المزارع والقرى الصغيرة التي تسكنها التجمعات السكانية الشمالية في إسرائيل. أضف إلى ذلك، أن حزب الله تعاون أكثر بكثير مما كان متوقعًا سابقًا، كما أثبت الجيش اللبناني، الذي يعاني باستمرار من نقص الأموال، أنه ملتزم بتنفيذ أحكام الاتفاق”.

وتابعت الصحيفة، “لقد توسعت سلطة الدولة اللبنانية، وأصبحت القوات المسلحة في البلاد، والتي كانت تعتبر الجزء الجنوبي منطقة محظورة، تنتشر الآن هناك بانتظام. وأخيرا وليس آخرا، فإن الحكومة اللبنانية لم تعد حكومة تصريف أعمال، ورئيسها هو من أبرز المروجين لتفكيك حزب الله ووضع كل الأسلحة تحت سيطرة الدولة. لكن بصيص الأمل هذا لا يخفي حقيقة أن الوضع يُهدد بالخروج عن السيطرة، إنه يُعادل جيوسياسيًا مُعضلة الدجاجة والبيضة. إلا أن الإجابة هذه المرة ستُحدد ما إذا كان لبنان سيبقى في منطقة رمادية بين الحرب والسلام، أو سينزلق إلى دوامة عنف جديدة، أو يحصل على فرصة لإعادة الإعمار”.

 

المصدر: Lebanon24