10 نوفمبر 2025, الأثنين

الفوعاني: متى وأين وكيف التزمت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار؟

Doc P 1440282 638983628756679963
نظمت جمعية “كشافة الرسالة الإسلامية” – مفوضية بيروت مسيرة حسينية في ذكرى استشهاد السيدة فاطة الزهراء وتخليدا لشهداء أفواج المقاومة اللبنانية “أمل” وشهداء جمعية “كشافة الرسالة الإسلامية” والدفاع المدني خلال العدوان الإسرائيلي الأخير،  جابت شوارع الضاحية الجنوبية في بيروت، انطلاقا من أوتوستراد السيد هادي نصرالله وصولا إلى باحة عاشوراء في معوض.

وكانت كلمة لرئيس الهيئة التنفيذية في حركة “أمل” مصطفى فوعاني قال فيها: “نلتقي في ذكرى تجسد أسمى معاني الطهر والإيمان والتضحية، في سيرة سيدة نساء العالمين، السيدة فاطمة الزهراء التي كانت صوت الحق بعد رحيل الرسول، والقدوة في الصبر والثبات على المبدأ رغم الظلم والجراح.
الزهراء هي التي علمتنا أن السكوت على الظلم جريمة،وأن الدفاع عن الحق عبادة، وأن النور لا يخاف العتمة.من ظل بيتها خرجت الحروف الأولى للمقاومة،ومن صبرها ودمعتها ووصاياها، ولد جيل من الرجال، يقاتلون لأنهم يحبون،
ويستشهدون لأنهم يؤمنون أن الله لا يخذل من أحب الأرض بصدق”.

أضاف:” الزهراء لم تكن ابنة نبي فحسب، بل كانت الامتداد الحي لرسالته، كانت أول المدافعين عن خط العدالة والحق، وهي التي علمت الإنسانية أن مقاومة الظلم واجب، وأن حفظ الرسالة يحتاج إلى تضحية وإيمان لا يتزعزع. ومن بين أولئك الذين حملوا وصيتها، خرج أحمد قصير فتى من صور،  حمل في عينيه انعكاس دمعة الزهراء، وفي صدره يقين محمد سعد، ومضى نحو مقر الحاكم العسكري في العام 1982، كمن يمشي نحو ميعاده مع الخلود. لم يكن الانفجار مجرد فعل عسكري، بل تجل فاطمي في جسد جنوبي، حيث تحول الجسد إلى صلاة من نار، وحيث التقت صرخة الزهراء القديمة بصرخة الجنوب الحديثة: “لن يكسر الحق ما دام فينا من ينهض له بالدم.”
 
وأكد الفوعاني أن “ذكرى شهادة الزهراء تلتقي اليوم مع ذكرى شهداء حركة أمل، الذين استمدوا من نهجها روح العطاء والفداء، فكانوا أوفياء لنهج الإمام القائد السيد موسى الصدر، حاملين راية الإيمان والمقاومة، مدافعين عن الأرض والإنسان والوطن.
هكذا صار الشهيد رمزا لا ينتهي، وصارت صوره المدماة مشهدا من الطهر، وصار الجنوب  كل الجنوب  امتدادا لمحراب فاطمي يضيء بالدماء الزكية”.
 

ولفت  إلى أن “الشهداء الذين ارتقوا دفاعا عن الجنوب وعن كرامة لبنان هم الامتداد الطبيعي لتلك المدرسة المحمدية – العلوية – الفاطمية، التي علمتنا أن الوطن لا يصان إلا بالدماء الزكية، وأن الكرامة لا تحفظ إلا بالموقف الصادق والمقاومة الصلبة.وفي هذه الذكرى،يقف أبناء حركة أمل،حيث أرادهم الإمام موسى الصدر:مؤمنين بالله، عاملين للناس، مقاومين للباطل.يستذكرون الشهداء لا كأسماء من الماضي،بل كنجوم تحرس لبنان، وتذكرنا بأن هذا الوطن وجد ليصان، ولن يصان إلا بوحدة الدم والإيمان”.
 

تابع:”في لحظات الحرب، حين تتهاوى الأبنية كما تتهاوى الثقة، وحين يصبح الليل أثقل من الحديد، ويمتد الخوف في الأزقة مثل دخان بلا لون، ينهض شباب كشافة الرسالة الإسلامية كأنهم طليعة الضوء وسط الخراب. لا ينتظرون الأوامر، لأن قلوبهم تعلمت لغة الواجب قبل أن يتعلموا النشيد. هم جيل يخرج من رحم الأزمات كما يخرج القمر من بين الغيوم، صامدين، متوهجين، لا يحملون السلاح بل يحملون معنى البقاء.
دورهم في الإيواء: من الفوضى إلى النظام. حين امتلأت الشوارع بالنازحين، والمنازل بالدمار، كان الكشاف هو أول من يصل، وآخر من يغادر. يتقدمون نحو الملاجئ، ينظمون الفوضى بخطى من حديد. بأيديهم تنصب الفرش، تفرش البطانيات، وتوزع المؤن. في كل مأوى، ترى فتى من الكشافة يحول القبو إلى بيت موقت، يعلق ابتسامة على وجه طفل فقد لعبته، ويعيد الحياة إلى أم تبحث عن الأمان. وجوههم مبللة بالعرق والغبار، لكنها تشع طمأنينة، كأن الله أوكل إليهم مهمة أن يذكروا الناس بأن الإنسانية لم تمت بعد. بين النار والرحمة لم يكونوا مجرد مسعفين، بل كانوا جسرا بين الخطر والأمل. حين يسقط صاروخ، يكونون أول من يركض، لا ليهرب، بل لينقذ. يحملون الجرحى كما لو أنهم يحملون إخوتهم. في عيونهم لهب من الجرأة، وفي أيديهم حنان يطفئ الخوف. بين الأنقاض، يتحول الكشاف إلى راهب في معبد من الدمار، يقيم طقوس الإنقاذ بشجاعة لا تعرف التراجع. كل صرخة يسمعونها تتحول إلى نداء مقدس، وكل دمعة يرونها تصبح وعدا جديدا بأنهم سيواصلون حتى آخر نفس. في المراكز والملاجئ هناك، حيث يتكدس الناس كالأفكار في قلب ضاق، يعملون بصمت يشبه الدعاء. ينظمون التوزيع، يكتبون الأسماء، يخففون التوتر بنظام دقيق كأنه موسيقى وسط الضجيج. ينسقون بين العائلات، يفصلون الأطفال عن الخطر، يبتكرون الألعاب من لا شيء ليعيدوا للطفولة أنفاسها. الملجأ يتحول على أيديهم إلى مساحة للكرامة، لا مجرد مأوى. وفي الليل، حين ينام الجميع، يبقون ساهرين يحرسون الأبواب والقلوب معا. بين الروح والرمز إن ما فعلوه لم يكن مجرد عمل إنساني، بل فعل رمزي عميق  إعلان بأن الانتماء ليس شعارا، بل مسؤولية. لقد جسدوا معنى الكشافة في أبهى تجلياته: الخدمة، النظام، التضحية. في زمن كانت فيه المدن تقصف، كانوا يبنون بالحب حصونا من الأمل.وفي كل ملجأ أقاموه، ولد وطن صغير من الرحمة والانضباط”.

 
اضاف:”هؤلاء الشباب لم يحملوا فقط شارة الكشاف على صدورهم، بل حملوا ضمير الوطن.كانوا شهودا على أن البطولة لا تحتاج بندقية، بل قلبا يعرف أن يمد اليد بدل أن يرفعها. ومن رماد الحرب خرجوا أكثر إشراقا، كأنهم خلقوا من العزم والإنسانية معا.وحين يعود السلام، يبقى أثرهم محفورا في ذاكرة الناس: أن في كل محنة، هناك كشاف يقف، يرفع الراية، ويعيد للإنسان معنى النور”.
وقال:” إن الرئيس نبيه بري، جدد تأكيد  الثوابت الوطنية، مشددا على أن المقاومة التزمت كاملا بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وأن الجيش اللبناني انتشر في منطقة جنوب الليطاني بأكثر من تسعة آلاف عنصر وضابط، وقادر على الانتشار على الحدود المعترف بها دوليا، لكن ما يعيق ذلك هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء واسعة من الأراضي اللبنانية الجنوبية، باعتراف قوات “اليونيفيل” وتقاريرها الدورية”.
وأكد الفوعاني أن الرئيس بري تساءل محقا: “متى وأين وكيف التزمت إسرائيل ببند واحد من بنود اتفاق وقف إطلاق النار؟”، مشيرا إلى أن” هذا السؤال يجب أن يوجه إلى المجتمع الدولي الذي يكيل بمكيالين، ويتجاهل الاحتلال وعدوانه المستمر، في حين يطالب لبنان والمقاومة بما لم يلتزم به العدو يوما”.
ولفت إلى أن “الرئيس بري عبر أيضا عن استغرابه لمواقف بعض الأطراف في الداخل اللبناني”، قائلا: “هل هناك بلد في الكون ينكر أنقى صفحة من تاريخه؟”، في إشارة إلى صفحة المقاومة والشهداء الذين سطروا بدمائهم الطاهرة ملحمة الصمود والعزة”.
وقال الفوعاني إن “هذه الصفحة النقية التي كتبها المقاومون ببطولاتهم هي جوهر تاريخنا الوطني، وهي التي حمت لبنان وصانت حدوده ووحدته، ولا يجوز لأحد أن يتنكر لها أو يشكك في شرفها ونبلها”.
وأكد أن “الرئيس بري شدد كذلك على أن ما تزعمه إسرائيل بشأن استمرار تدفق السلاح من سوريا هو محض كذب وافتراء، لأن أميركا التي تسيطر على الأجواء بأقمارها الصناعية تعرف الحقيقة، لكنها تختار الصمت عن خروقات الاحتلال وعدوانه”.
كما لفت إلى ما قاله الرئيس بري حول المفاوضات، حيث أوضح أن “هناك آلية تسمى “الميكانيزم” يجب أن تجتمع بشكل دوري، ويمكن الاستعانة بخبراء من مدنيين أو عسكريين عند الحاجة، كما حصل في ترسيم الحدود البحرية والخط الأزرق، تأكيدا على أن لبنان يفاوض من موقع الحق لا من موقع الضعف”.
وأشار الفوعاني إلى “تأكيد الرئيس بري أن قانون الانتخابات نافذ، ويجب أن تجرى الانتخابات على أساسه وفي موعدها، محذرا من أي محاولة للمس بالاستحقاقات الدستورية التي تعبر عن إرادة اللبنانيين، ومؤكدا أن أي تأخير أو تعطيل سيكون بمثابة معركة سياسية مفتوحة لحماية الدستور والدولة”.
وقال :” إن ما يجمعنا اليوم بين شهادة الزهراء وشهداء حركة أمل هو الإيمان بأن الحق لا يصان إلا بالتضحية، وأن المقاومة ليست خيارا بل قدر من يريد العيش بحرية وكرامة.إن حركة أمل ستبقى على نهج الإمام موسى الصدر والرئيس نبيه بري، صوت الوطن الموحد، والمدافع الأول عن وحدة لبنان، وعن القضية الفلسطينية، وعن كل مستضعف في هذا العالم. سلام على الزهراء حين وقفت وحيدة في وجه الظلم، وسلام على الشهداء حين جعلوا من أجسادهم جسورا لعبور الوطن إلى النور”.
وختم :”فلنجدد العهد في هذه الذكرى المباركة أن نبقى أوفياء لدماء الشهداء، ولسيرة الزهراء، وأن نحفظ هذا الوطن بوعينا ووحدتنا ومقاومتنا، وأن نبقى كما أرادنا الإمام الصدر: مؤمنين بالله، عاملين للناس، مقاومين للباطل، ساعين إلى بناء الإنسان والوطن”.

المصدر: Lebanon24