12 نوفمبر 2025, الأربعاء

شلل تعطيلي “آت” !

Doc P 1441111 638985226800554509
كتب نبيل بو منصف في” النهار”: ثمة ما يتهدد لبنان، في السير قدماً ومن دون أي روادع، نحو ترسيخ شلل برلماني شامل لمجلس النواب، إن مضت رئاسة المجلس، في التحصّن خلف متاريس صلاحياتها المتورمة والمنتفخة بواقع ثلاثة عقود ونيّف من رئاسة متواصلة قياسية، لمنع انتخابات حرة غير مقيدة للمغتربين اللبنانيين.
مع اتجاه رئيس مجلس النواب إلى دفن مشروع قانون حكومي مع خمسة أو ستة اقتراحات قوانين نيابية، في لجنة نيطت بها من الأساس مهمة جهنمية لمنع الغالبية النيابية من ترجمة اتجاه شاذ خطير لتقنين تمثيل المغتربين منذ وضع قانون الانتخاب الحالي بظروف تسوية سيئة عام 2017، سيكون الاتجاه الحتمي الهرولة بسرعة نحو شلل تام ينجم عن تصعيد الأكثرية لمقاطعة جلسات التشريع رداً على استفحال نزعة الهيمنة الفردية التي يعتمدها عميد رؤساء المجالس النيابية في العالم. وإذا مضى رئيس المجلس في عدم إدراج مشروع قانون الحكومة المعجل المكرر على رأس جدول أعمال جلسة تشريعية يدعو إليها، وتلاوة المشروع وفق ما يوجب ذلك النظام الداخلي، فإن الأمر سيشكل واقعياً الهرولة الأسرع نحو تصعيد قياسي في التوترات السياسية. وسط اللعبة المشؤومة المكشوفة لاستهلاك الوقت ومنع إقرار المشروع الحكومي الذي أعطى المغتربين حقهم الدستوري الطبيعي في مساواة المقيمين بانتخاب جميع النواب تبعاً لدوائرهم، فإن ذلك سيشكل أخطر تعريض للبنان لانفجار سياسي ينجم عن شلل مجلسي بفعل التخطيط المتعمد لتجاوز كل الخطوط الحمر التي تمليها المهل الدستورية والقانونية لإقرار تعديل قانون الانتخاب، وعندها يغدو القانون كما هو من دون تعديل وجهة قسرية للانتخابات بضرب إرادة الحكومة والأكثريتين الحكومية والنيابية وفرض أمر واقع يطيح انتخاب المغتربين كما يتهدد الانتخابات كلاًّ.
حتى التمديد لمجلس النواب الحالي، كآخر الشرور والخيارات التي قد تطرح في مرحلة تقدم خطر إطاحة الانتخابات، سيسقط ولن يكون متاحاً، لأن الشلل سيحول دون تقديم اقتراحات قوانين بالتمديد وإقرارها وسط تصاعد الانقسامات والتوترات إلى ذروتها. هذا الجاري الآن، إن مضى من دون ردع سياسي عاجل، سيقود لبنان إلى تهلكة انتخابية وسياسية ترتد بقسوة متدحرجة على العهد والحكومة وترسيخ معادلة الدولة الفاشلة.
وكتبت روزانا بو منصف في” النهار”: تعتقد مصادر ديبلوماسية أن خطر اندلاع جولة أخرى من الحرب الكارثية يعدّ عاملا كافياً من أجل دفع رئيس الجمهورية جوزاف عون ومعه رئيس الحكومة نواف سلام إلى الحزم في وضع المصالح الوطنية اللبنانية في المقام الأول، ومحاولة اللجوء إلى الديبلوماسية مع إسرائيل إنقاذا للبنان، ولاسيما أن كلا منهما يمثل جميع اللبنانيين ومسؤول عنهم، ولا يمثل الحزب أو وجهة نظره فحسب، فيما ثمة رسائل توجه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري اللصيق بالحزب، بمقاطعة زيارته، كما بالنسبة إلى وفد الخزانة الأميركية، في ظل الإحباط الكبير من أدائه والإخلال بالتزاماته. وبات واضحا أن الكلام على استياء في الدوائر الأميركية من الرئيس نبيه بري ليس عبثيا، وهو يقرأها على الأرجح على خلفية إدارته الانتخابات النيابية المقبلة والطموح الخارجي إلى تغييرات لدى الطائفة الشيعية.
الرسائل إلى لبنان توحي بإحاطته وعدم تركه يتخبط في شؤونه وحيدا، ولاسيما أن استقرار المنطقة يحتم عدم إهماله وفقا لرؤية الرئيس دونالد ترامب التي يدفع لوبي لبناني مؤثر في واشنطن نحو الاستفادة منها على خلفية مقاربة ترامبملفات المنطقة ولجم إيران. ومعظم أصحاب هذه الرسائل يظهرون استعدادا للمساعدة على قاعدة العصا الأميركية والإسرائيلية، والجزرة الأميركية والخليجية معا.
في المقابل، هناك رئيس للجمهورية ورئيس لحكومة فاعلة يحظيان بدعم خارجي كبير ويتم تحميلهما مسؤولية مضاعفة راهنا للتحرك بقوة وحزم ومن دون تباطؤ في اتجاه التفاوض غير المباشر. والواقع أن هناك دعاية إسرائيلية قائمة بذاتها تستفيد منها إسرائيل، مفادها بحسب وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش اللبناني لا يتحرك بما فيه الكفاية ضد الحزب، لأنه لا يدخل المناطق الريفية أو الممتلكات الخاصة لمصادرة أسلحته. ولذلك تبرر مواصلة شن هجمات في كل أنحاء لبنان. وقد شكلت زيارة وفد الخزانة الأميركية لبيروت تذكيرا متجددا للبنان بأن إجراءاته السياسية لا تزال قاصرة عن مواكبة مسار يتعلق بنزع سلاح “حزب الله” وإعادة الثقة بلبنان وقطاعه المصرفي كذلك، مما يرتب انعكاسات بالغة الخطورة عليه، إذا ترك لإيران فرصة التحكم في قراره أو ممارسة نفوذها فيه.  

المصدر: Lebanon24