التقرير الذي ترجمهُ “لبنان24” يقول إنَّ “إسرائيل تدرسُ ردوداً متنوعة، فيما تستعدّ لجولة اضعاف لحزب الله”، وفق تعبيره، وأضاف: “في العلاقات الدولية، من المعتاد الحديث عن 3 أوضاع رئيسية: الحرب، والسلام مع علاقات جيدة، والسلام البارد. كذلك، هناك وضع آخر قد لا يُدرَس في الجامعات في أي مكان في العالم، وهو وقف إطلاق النار العدواني. في لبنان، شهدت الأيام الأخيرة موجات من هجمات الجيش الإسرائيلي عقب إصدار تعليمات إخلاء سكان قرى جنوب لبنان. هُدِّدت إسرائيل، وهُدِّد حزب الله أيضاً، وانعقد مجلس الوزراء المصغر لمناقشة خاصة، فيما حذَّر المبعوث الأميركي الخاص توم باراك من ضيق الوقت، وضرورة التعامل مع حزب الله الآن، وكل هذا يحدث في واقع سنحتفل فيه بعد أقل من أسبوعين بمرور عام على توقف إطلاق النار في لبنان، رسمياً على الأقل”.
يلفت التقرير إنّ الوضع بين لبنان وإسرائيل قد يصلُ إلى الحرب، مشيراً إلى أن إسرائيل تقترب من إمكانية شنّ جولة حربية أخرى لإضعاف حزب الله، وبالتالي العودة إلى القتال، وتابع: “الهدف من هذه الجولة، إن لجأت إسرائيل إليها، هو عرقلة مساعي الحزب لإعادة بناء نفسه وإجباره على قبول اتفاق وقف إطلاق النار. وعندما يتعلق الأمر باتفاق، فإن الهدف هو التوصل إلى تفاهمات تتضمن جانباً، من وجهة نظر إسرائيل، أكثر أهمية من أي وقت مضى، وهو نزع سلاح حزب الله الذي يهدد الجبهة الداخلية. مع هذا، تسعى إسرائيل حالياً إلى تحقيق ذلك عبر قناتين: العسكرية والدبلوماسية، بمشاركة واشنطن”.
يوضح التقرير إنه لم يتم الكشف عن أي نشاط أو إعادة تأسيس لـ”حزب الله” في منطقة خط التماس، خط الحدود، وأضاف: “تسيطر إسرائيل على جنوب الليطاني وفي القرى القريبة من السياج وتهاجم أي عمل أو هدف، وبالتالي فإنَّ الوضع هناك جيد نسبياً”.
وذكر أنه “في شمال الليطاني، يُحاول حزب الله إعادة بناء البنية التحتيّة والعودة إلى انتاج الأسلحة”، مشيراً إلى أن “إسرائيل تلحق الضرر بالناشطين المشاركين في إعادة بناء فروع حزب الله المُختلفة”.
يكشفُ التقرير أنَّ “حزب الله يُنتج أسلحة في منطقة شمال الليطاني في انتهاك للاتفاق”، وقال: “لا شكّ أنَّ حزب الله تلقى ضربة موجعة في الحرب، ولكن رغم ضعفه، فإنه يحاولُ التعافي بسرعة نسبية، رغم علمه بأنَّ إسرائيل تُراقبه عن كثب، وذلك لأن الإنجاز العسكري الكبير لم يُحوّل إلى إنجاز سياسي، مع أنه كان ينبغي على إسرائيل الإسراع في ذلك”.
من ناحيته، يقول الدكتور يهودا بالانغا، الخبير في شؤون “حزب الله” من قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، إن “حزب الله لم يفكر أبداً في التخلي عن سلاحه ونزعه، فالمقاومة هي جوهر هذه المنطقة”، وأضاف: “على مرّ السنين، صوّر حزب الله نفسه حامياً للبنان، وقد أتقن ذلك على مرّ السنين، فالحزب قادَ الحملة التي دفعت إسرائيل للانسحاب من لبنان في أيار 2000 من دون أي اتفاق في خروج أحاديّ الجانب. وأصلاً، وحتى ذلك الحين، لم ينجح أيُّ زعيمٍ عربي آخر في تحقيق انسحاب إسرائيليّ من أراضٍ عربية من دون توقيع اتفاق”.
ويكمل: “عندما نصل إلى الوضع الذي يُضعفُ فيه حزب الله، عندها سيُدرك الأخير أنه إذا نزع سلاحه فسيتمّ حله فعلياً، وهو أمرٌ لم يكُن مُستعداً له. فعلياً، فإن الحزب لا يُوافق على التفكك، بل هُو مستعدّ للحوار مع الحكومة اللبنانية لكن خطه الأحمر هو ألا يتم التدخل بشؤونه”.
يشير بالانغا إلى أنَّ “حزب الله يُواصل العمل ببطء لتجنيد مُقاتلين جُدد”، وأضاف: “نحن نتحدث عن آلاف، معظمهم من الشباب، ومعظمهم من سكان جنوب لبنان.. حزب الله يعرف كيف يُغري هؤلاء، ويمنحهم ما ينقصهم. نحن نتحدث عن منظمة لديها كيانات اقتصادية، وكل ما تفعله هو دفع الرواتب وتوفير فرص العمل. لا يزال حزب الله يمتلك بنوكاً، ولا يزال يعمل في مجالات الرعاية الاجتماعية والتعليم والصحة، ولديه كيانات يديرها لصالح الشيعة، ولكن ليس لصالحهم فقط. إنه يجند المزيد والمزيد من المقاتلين، ويبدأ بتنصيب جيل جديد من القادة مكان الجيل الذي تم القضاء عليه، ويهرب كميات هائلة من الأسلحة التي، من بين أمور أخرى، تتدفق من سوريا إلى لبنان، مثل صواريخ، وأسلحة خفيفة، وقذائف مهربة، ومحاولات لإنشاء مقالع ومخارط جديدة. يفعل حزب الله كل هذا، من بين أمور أخرى، في منطقة جنوب لبنان، ولكن ليس هناك فقط، بل أيضاً خارجها – أي حتى في المناطق التي يعلم أنَّ الجيش الإسرائيلي لن يعمل فيها، لأن ذلك هو بالفعل خط أحمر للبنان”.
ويشير بالانغا إلى أن “حزب الله ما زال يتلقى أموالاً من إيران”، لافتاً إلى أنه “لا تُوجد رغبة لدى طهران في إضعاف الحزب، فيما لا توجد رغبة لدى الأخير في الانفصال عن إيران، على الرغم من الوضع الصعب الذي كان قائماً بين الجانبين طوال الفترة التي سقط فيها نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد أيضاً”.
يتحدث بالانغا عن محاولات لعودة “حزب الله” إلى المنطقة الحدودية من خلال عناصر مدنية أو من خلال منظمات متنوعة مثل “أخضر بلا حدود”، وأضاف: “إسرائيل تريد التحرك ضد حزب الله وتريد أيضاً إرسال رسالة إلى المنطقة بأنها سترد بحزم على أي انتهاك، ولكن بهذه الطريقة العدوانية، فإن إسرائيل من المرجح أيضاً أن تضعف أولئك الذين من المفترض أن يتحركوا ضد حزب الله في مرحلة ما، أولئك الذين من المفترض أن يديروا دولة في لبنان – فالحكومة هناك تدعو حزب الله إلى التفاوض معها لإيجاد حل، ولكن طالما أن إسرائيل موجودة هناك وتعمل على أرض جارتها، يقول حزب الله إن هذا دليل على أننا لا نزال مطلوبين كمنظمة مقاومة”.

