في إحدى الجلسات السياسية طرح أحد الحاضرين سؤالًا لم يكن أحد يتوقعه، وهو لماذا أقدمت الولايات المتحدة الأميركية، وقبل ستة أعوام من الآن، على بناء أكبر سفارة لها في العالم تقريبًا في أصغر بلد، هو لبنان، مع كلفة قد تصل إلى ملياري دولار، في الوقت الذي لم يكن في لبنان ما يدعو إلى التفاؤل بأن هذا الاجراء غير المسبوق من قِبل الأميركيين سيكون جدّيًا كما هي الحال اليوم، بعدما بدأت الأشغال تشرف على نهايتها، والمتوقّع إنجازها في العام 2026؟
وعلى رغم أن هذا السؤال قد أحدث موجة من علامات الاستفهام والتعجب لدى المشاركين في هذه الجلسة – الدردشة السياسية فإن ما يشبه الاجماع لدى هؤلاء بأن واشنطن تبني سياستها في العالم، وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط، بناء على معطيات ومعلومات مخابراتية تمتد في الزمن لسنوات إلى الأمام. وكان تأكيد بأن ما تخطّط له الولايات المتحدة الأميركية وما ترسمه للمستقبل، على رغم توالي السلطة في الإدارة الأميركية بين الديمقرطيين والجمهوريين، يتخطّى اللحظة الآنية. وهذا ما بدأ يتلمّسه العالم بأسره مع كل الاحداث التي حصلت ، من حرب غزة وامتدادها إلى لبنان وسوريا وصولًا إلى اليمن، بالتزامن مع تطورات الملف النووي الايراني، وغيرها من الملفات الاقليمية والدولية البارزة.

