9 نوفمبر 2025, الأحد

فضل الله: المطلوب من الحكومة ألا تكتفي بترداد شعارات لم يعد لها أي معنى

Doc P 1439944 638982879520249879
رأى عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب الدكتور حسن فضل الله، أن “أمامنا في هذه المرحلة تحديات يمكن أن تختصر بثلاثة عناوين، هي الاعتداءات الإسرائيلية وإعادة الإعمار والوضع الداخلي، وأن لبنان يوضع اليوم أمام خيارين، إما القتل والحرب واستمرار الاستهدافات أو الاستسلام، وإن كنّا لسنا هواة حرب ولكنّ شعبنا الوفي الأبي لا يمكن تحت أي ظرفٍ أن يقبل بالاستسلام أو الخضوع للعدو الذي يستبيح بلدنا ودماءنا ويقتل في كل يوم من أبنائنا الذين يستشهدون في حالة مدنية، ويستهدف المنازل والمنشآت المدنية، ويمارس سياسة العدوان خصوصًا على الجنوب بهدف منع الاستقرار، وحتى لا يطمئن الناس وكي يدفعهم إلى مغادرة هذه القرى والبلدات، ويمنع إعادة الإعمار ويجعل المنطقة غير آمنة وغير مستقرة، ويضغط على البلد من أجل أن يخضعه لمشروعه التوسعي ولشروطه”.

كلام فضل الله جاء خلال مشاركته في الاحتفال التكريمي لشهداء بلدة برج قلاوية الجنوبية، بحضور فعاليات وشخصيات وعلماء دين وعوائل شهداء والأهالي.

وقال فضل الله: “هناك من يريد أن يضعنا أمام هذا الخيار بالقتل اليومي والحصار والاستهداف والتضليل والتحريض والتشويه، أو أن نستسلم لهذا العدو ويوضع لبنان كل لبنان أمام هذا الخيار ولكن مهما كان نزف الدماء العزيزة والغالية فإننا لن نستسلم، ونحن نعرف أن الوضع صعب، لكن التحدي والتهديد لا يُسقطنا ويجب أن نتحمل، وللأسف في الداخل اللبناني هناك من يعتقد أن العدو الإسرائيلي في استهدافاته يساعده على تنفيذ أجندته الخاصة، أو يظن أن هذا العدو قد يعمل لخدمته ولخدمة حساباته الداخلية، ولذلك يراهن على استمرار هذا النزف ويحاول أن يستثمر في دمائنا من أجل تحقيق مصالح للنفوذ والسيطرة والهيمنة والتسلط في الداخل، وهؤلاء لم يتعلّموا من هذا العدو الذي يعمل لحساب أهدافه التوسعية، وهو الذي يستخدم بعض الأصوات ويستغل بعض التحركات والتحريض داخليًا لتنفيذ مشاريعه، وعندما ينفذ مشاريعه يترك عملاءه ويتخلى عنهم، وتجارب الماضي في لبنان خير دليل على ذلك”.

وأضاف: “أمام هذا الواقع، كيف نواجه؟ فالمقاومة كانت تصنع معادلات وكانت تمنع المس بأي مدني في لبنان وتمنع العدو من أن يستهدف الجنوب، وهذا ما كان يحصل خصوصًا منذ تفاهم نيسان 1996 وحتى العام 2006 وصولًا إلى هذه الحرب، لكن حدث متغير كبير له علاقة بكل المجريات التي حصلت وليس فقط في الحرب، لأن المقاومة في الميدان صمدت ومنعت العدو من احتلال الجنوب، ووجودنا هنا بفضل تضحيات المقاومين، وهذه الدماء العزيزة، والمتغيرات حصلت بعد وقف إطلاق النار سواء في لبنان أو في محيطنا الإقليمي أيضًا، وأدى إلى تغيير في الموازين، وبعد وقف إطلاق النار، عندما تصدت الدولة بمؤسساتها لهذا الملف وأعلنت أنها تريد أن تكون هي المسؤولة وتعمل من أجل تطبيق هذا الاتفاق، وافقنا وقبلنا، ولكن اليوم قد يأتي أحد ليسأل عن أي دولة نتحدث أو أين هي مؤسساتها، فهذا واضح لدينا، ولكن لأن هذه المرحلة مختلفة عن الماضي وصلنا إلى ما نحن عليه الآن لجهة إلزام الدولة بتحمل مسؤولياتها الكاملة، وهذا بالأصل من مسؤولياتها”.

وأضاف: “المقاومة كانت قد بدأت قبل انطلاقة حزب الله نتيجة ضعف الدولة وغيابها وعدم تحملها المسؤوليات، فقبل حزب الله كان هناك مقاومات، وعندما جاء الإمام المغيب السيد موسى الصدر أنشأ مقاومة، والشعب أيضًا أطلق مقاومة شعبية للتصدي للاحتلال، ونحن في هذا المقطع الزمني نريد لهذه الدولة أن تتحمل المسؤوليات الكاملة رغم كل ما يصيب شعبنا من ألم ووجع ورغم كل هذه الدماء”.

وأشار إلى أننا و”في الوقت الذي نعلم فيه أن الكثيرين يطالبون اليوم بالعودة إلى المعادلات التي كانت موجودة، نصرّ في هذه المرحلة على قيام الدولة بمسؤوليتها، إذ أن لديها الآن آلية للتواصل عبر لجنة الإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار التي ورغم أنها لم تقم بواجباتها ولم تكن على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها، لكنها لجنة قائمة وتتحمل مسؤولية، ويمكن للحكومة من خلالها أن تلجأ إلى كل الخيارات المتاحة من أجل الضغط لوقف هذه الاعتداءات، فلا يمكن الانتقال إلى مرحلة أخرى قبل استنفاد تطبيق هذا الاتفاق الذي لم يُطبق حتى الآن إلا من طرف واحد”.

وقال: “اليوم يخرج بعض المسؤولين ليقول إن قرار الحرب والسلم في يد الدولة، ولكن متى أخذت هذه الدولة قرارًا ليس بالحرب ضد هذا العدو؟ بل قرارًا بالدفاع في وجه هذا العدو ومنعها أحد؟ فنحن نرفض أن يكون في لبنان قرار للاستسلام لهذا العدو، والمطلوب اليوم من هذه الحكومة ألا تكتفي بترداد شعارات لم يعد لها أي معنى، بل أن تلتزم بما كتبته في البيان الوزاري وتتلخص في حماية السيادة وردع المعتدي وإعادة الإعمار وإطلاق الأسرى، وهذه البنود بقيت حبرًا على ورق، ولم يكتشفوا من البيان الوزاري إلا جملة واحدة لا تستهدف حماية السيادة بل توجّه ضد جزء كبير من الشعب اللبناني”.

وشدد على أننا “لا نريد للمشكلة أن تصبح لبنانية – لبنانية، في حين أن هناك من يصر في الداخل على أن تكون المشكلة بين اللبنانيين، ولكننا نقول له إن مشكلتنا جميعًا هي هذا العدو، والتهديد الحقيقي هو هذا العدو، لذلك لا يجوز لأحد في لبنان أن ينصب نفسه كأنه صدى للصواريخ الإسرائيلية أو أن يستغل هذا العدوان من خلال حملة التحريض والتضليل التي نسمعها، اتركوا المشكلة مع العدو فلماذا هناك من يريد نقلها إلى الداخل؟ وإذا نُقلت إلى الداخل ماذا سيستفيد؟ وهل يظن أحد في لبنان أن شعبنا يمكن أن ينكسر أو أن ينهزم؟”.

وتابع: “المعادلة الداخلية دقيقة وحساسة ولا يحق لأحد أن يمس بها لأن هذا يهدد الداخل اللبناني، ونحن لا نريد تهديد الداخل اللبناني، لكن هناك من يصر على هذا المسار في الوقت الذي يقتل العدو الناس هنا نرى هذه الحملة الداخلية، ولكن من تستهدف هذه الحملة الداخلية؟ ويخرج أحد ليقول إن هناك إجماعًا، ولكن أين هو هذا الإجماع؟ يخرج أحد أيضًا ليمارس سياسة العزل، ولكن على من تمارس هذه السياسة؟ وأنا هنا لا أتحدث عن المسلمين الشيعة في لبنان بل عن بيئة المقاومة التي تمتد داخل كل الطوائف، صحيح أن من مفاخر الشيعة في لبنان أنهم يحملون راية المقاومة، وأنهم رأس الحربة في هذه المقاومة، وأنهم يقدمون التضحيات، لكن هذه المقاومة تمتد على امتداد مساحة بلدنا، وهل يمكن لأحد أن يتوهم أو يعتقد أنه يستطيع أن يعزل هذه الفئة من الشعب اللبناني أو أن يحاصرها؟”.

أضاف: “نحن لا نقول إننا نمثل ثلثي الشعب اللبناني، بل أقول لكم إننا أكثر من نصف الشعب اللبناني، ولا أريد أن أقول إننا وحدنا نشكل أكثر من ثلث الشعب اللبناني فكيف سيعزلون ويحاصرون؟ هؤلاء يعيشون في الأوهام، وفي مخيلتهم تاريخ أسود مليء بالأحقاد والضغائن والارتهان، ويعتقدون أن هذه اللحظة هي لحظتهم وأن هذه الفرصة هي فرصتهم، ويقولون إن ما لم يحققوه خلال أربعين سنة وفي اجتياح العام 1982 قادرون على تحقيقه اليوم، وهناك من يعيش في وهم أنه يستطيع الآن أن يتحكّم بلبنان وأن مشروعه انتصر ومشروعنا تراجع أو ضعف، لكن هؤلاء لم يتعلّموا من الماضي وتجارب الماضي، ويراهنون اليوم على الانتخابات وعلى تغيير الموازين عبر قانون الانتخاب تحت عنوان انتخاب المغتربين، لذلك يسعون بكل الوسائل من أجل الانقلاب على القانون الحالي والانقلاب على صيغة الوفاق الوطني وعلى الدستور، ولا يهمهم شيء إلا أن يحققوا ما في مخيلتهم، ففي الوقت الذي يقوم العدو فيه بالقتل والضغط يريدون أن يستثمروا في الداخل”.

وأردف: “لا أريد أن أتحدث عن الأخلاق السياسية لأن في لبنان معروف من الذي يملك هذه الأخلاق، وهناك شخص اسمه السيد حسن نصر الله قدم نموذجًا ومدرسة في الأخلاق السياسية، لكن للأسف في الداخل من هو خارج كل هذه المعايير، هناك من يحاول الاستثمار في الداخل في الوقت الذي يقوم فيه العدو بالقتل، ولكن بعيدًا عن المبالغة والحماسة والعنتريات، أقول لكم بكل ثقة، أولًا بالله عز وجل وبشعبنا: في الداخل لدينا بيئة صلبة وشعب وفيّ وقوي وعزيز، ولدينا وحدة على مستوى بيئة المقاومة، والمعادلة الداخلية لا يستطيع أحد أن يغيرها مهما راهن على الخارج، ومهما كان نزف الدماء الذي يسيل على أرضنا، فإننا لن نقبل ولن نسمح لأحد أن يمس بشراكتنا وبحضورنا ووجودنا في إدارة الدولة وفي مؤسساتها وفي تقرير مصير بلدنا، وهذا يستند إلى هذا الشعب وهؤلاء الناس الذين لا يستطيع أحد أن يتجاوزهم وأن يقفز فوق حضورهم الدائم، وليس لدينا خوف في الداخل على وضعنا ولكن نخاف على البلد، ليس لدينا خيارات إلا أن نبقى أقوياء، وأن نتمسّك بهذا النهج، نهج المقاومة وخيارها، وفي المرحلة الحالية المقاومة لها أداء معين، لكن المقاومة تبقى هي المقاومة بحكمتها وشجاعتها وحضورها وشعبها، والسيد حسن نصر الله غرس في لبنان كرامة وعزة وأجيالًا من المقاومين يحملون الراية التي لا تسقط”.

المصدر: Lebanon24